الدكتور معتز الخطيب
هذه بعض الأفكار في تحليل ما يجري من وجهة نظري، وهي تمثل موقفي لمن يهتم بمعرفته، خصوصًا في ظل الأجواء المتوترة السائدة على هذا الفضاء، وسأجعلها على عناوين مختصرة للتوضيح.
الفعل والانفعال:
منذ الأمس وأنا أراقب تعليقات فريقين ذهبا مذهبًا قَصيًّا؛ رغم أن الفرح والحزن انفعالاتٌ لا أفعال، فلا الفرح خيانةٌ ولا الحزن نصرٌ أو مقاومةٌ؛ لأن كل هذه أفعالٌ غائبة، وما كان ليكون للفرح والحزن مجالٌ لو كان هناك مساحة للفعل سواء من قبل الحزانى أم الفرحين، ولذلك تحول جهاد الفريقين إلى مقاومة فريق للحزن، ومقاومة فريق للفرح. وهكذا بتنا أمام تحول الانفعالات من انفعالات إنسانية إلى أفعال سياسية ويتراشق الفريقان بالتهم والتقويمات السلبية!.
الفرق بين انفعال وانفعال:
ومن عَجَبٍ أن فريق الحزانى انزلق إلى تشبيه هذا الفرح بالفرح بسقوط نظام صدام وبغداد؛ رغم أن ذلك كان جزءًا من “مشاريع” كانت تمهيدًا لما نحن فيه، وجنى ثمارها الطرفُ المحزونُ عليه الآن، حين توطأ مع الأمريكيين وحاز على غنائم حربهم فيما بعد!. بل إن هذا القياس يُدين كل فرحٍ آل إلى وضع أسوأ، ومن ذلك الفرح بسقوط نظام مبارك؛ لأنه آل إلى ما هو أسوأ بمرات من نظام مبارك، فهل نعود إلى إدانة ذلك الفرح السابق؟.
صِدام مركزيات:
الحزن والفرح تعبيرٌ عن صدام بين مركزيتين في حالة مركبة بالغة التعقيد، ولاسيما أنه انضم إليها غباءٌ من حزب الضاحية الذي كلما نعى قياديًّا في الأيام الماضية تَفاخر بأنه كان من المجرمين في سوريا!. ولم يكن ثَمّ رجل رشيدٌ لا في الحزب ولا بين مجاهدي تويتر والفيسبوك يأخذ على يديه أو حتى يوجه له نقدًا ولو على استحياء: هذا ليس وقتَه ولو على سبيل السياسة!.
دعاوى قاتلة:
تدخل حزب الضاحية في سوريا بداية بذريعة حماية المقامات الشيعية، ثم تحول إلى خطاب: حماية المقاومة، والآن تبين أن ذلك التدخل نفسه هو الذي قاد المقاومة إلى حتفها (وهو لا يزال في سوريا بالمناسبة). فقد انكشف تمامًا أمام العدو، وتسبب في شقّ صفوفه وهتك صورته المقاوِمة إلا عند قوم ليسوا طرفًا ولا هم على اطلاع ومعايشة لما جرى وطبيعة الجرائم التي تورط فيها. وقد انضم – إلى ذلك – اكتسابه حالة غطرسة واستعلاء أورثته الوهم بأنه قادر على كل شيء وخاصة منذ اغتيال الحريري وصولاً إلى الانتصار المزعوم في عموم الأرض السورية؛ رغم أنه يقاتل في صفّ واحد مع الروس والإيرانيين ونظام الأسد وجماعات زينبيون وفاطميون وغيرهم. والأهم أن النظام الذي تدخل الحزب لمساندته هو من رفع سقف الكلفة البشرية (المسموح بها) في ميدان الصراع، حين هجّر الملايين وقتل مئات الآلاف ودمّر البلاد والعباد واستعمل كل الأسلحة. ومن ثم فعلى هؤلاء أن يتحملوا نتيجة هذا المنطق في الصراع، وهو ما طبقته إسرائيل في غزة خلال السنة الماضية وتفعله الآن في حنوب لبنان، وحتى الآن هو جزء ضئيل بالمقارنة مع ما فعله نظام الأسد وحلفاؤه من الحزب وغيره من حيث الضحايا المدنيون وحجم التدمير، وعدد اللاجئين والمهجرين (وهو حجم يستهين به حلف الحزانى؛ رغم أنه غير مسبوق!).
المسؤولية:
لا يمكن إعفاء إيران والحزب مما صرنا إليه وصارت إليه المنطقة؛ حيث تعددت الأعداء وإن كانت المشكلة أن فريق الحزانى يرى أن ثمة عدوًّا واحدًا فقط وهو ما يحجب عنه فهم أو تفهم فرح الفرحين، والقصة بدأت منذ 2003 حيث كان هناك تفاهمات بين إيران وأذرعها من جهة، والعدوّ من جهة أخرى، وبطبيعة الحال أن هذه التحالفات ليست ثابتة وأن 7 أكتوبر قلبت الموازين.
والمطلوب الآن أن نوحد الصفوف لنفكر في منع الأسوأ القادم والذي سيهدد الجميع!.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
المصدر: صفحة الدكتور معتز على فسيبوك