إعداد جيل لقيادة الأمة
إذا نظرنا إلى واقعنا الآن لوجدنا أن الكثير من الشباب قد تخطوا العشرين وربما وصلوا إلى سن الثلاثين وما زالوا يعيشون عالة على أسرهم سواء في اتخاذ القرار أو في الحصول على المال. فمتى يصبح هؤلاء أفراداً منتجين في المجتمع؟! وهل ننتظر أن يخرج من بين هؤلاء قائداً أو بطلاً يعيد لهذه الأمة مجدها وكرامتها؟
والأوضاع المزرية التي وصلنا إليها في كل المجالات سببها إقصاء الشباب وتغييبهم عن الساحة وعدم تمكينهم من القيام بدورهم في خدمة أوطانهم والعمل على نهضة مجتمعاتهم وإذا كنا نسعى إلى التقدم والنهوض فعلاً فلا سبيل إلى ذلك إلا بإعداد القيادات الشابة لتولي المسؤولية، وإعطاء الشباب الفرصة للمشاركة في صنع القرار وصنع المستقبل.
والتغيير سنة من سنن الله عز وجل في الكون فلماذا نخالف هذه السنن؟ ولماذا نحرم هذه الأمة من الاستفادة من طاقات شبابها وإبداعاتهم في كل المجالات؟
وأول ما يجب أن نبدأ به هو الاهتمام بالبيئة التي يتربى وينشأ فيها هؤلاء الشباب وهي البيت، ولذلك يجب أن يتعلم الآباء والأمهات فن الاستماع إلى الأبناء منذ صغرهم وأن يحاوروهم وأن يستمعوا إلى آرائهم ولا ضير في أن يأخذوا بها في بعض الأمور تعويداً لهم على المشاركة في اتخاذ القرار .
ولنا في الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، ففي غزوة أحد لم تكن عنده رغبة في الخروج من المدينة لقتال المشركين، ومع ذلك نزل على رأي الشباب المتحمسين للجهاد في سبيل الله وأخذ به في الخروج لمقاتلة المشركين وكان ما كان من انتصار المسلمين في بادئ الأمر ثم هزيمتهم بعد مخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم. ويجب أن نعلم أولادنا الاعتماد على أنفسهم منذ الصغر بأن نضعهم في مواقف صعبة تناسب أعمارهم ونطلب منهم التصرف وفقا لما تقتضيه الظروف المحيطة بهم.
والشباب يجب أن يأخذوا الفرصة الكاملة في التعبير عن أنفسهم وفي توظيف طاقاتهم وقدراتهم ويجب أن يأخذوا حقهم الطبيعي في القيادة والمشاركة في صنع مستقبل هذه الأمة ومستقبلهم حتى لا نقضي على الأجيال القادمة ونهضم حقوقها.
ويجب أن نعد الشباب لكي يكونوا قادة في المستقبل بأن نتيح لهم الفرص الجيدة للتدريب ونعطيهم جزءا من المسؤولية نختبر به مقدرتهم على حسن التصرف في الأمور لكي يكتسبوا المزيد من الخبرات والمهارات التي تؤهلهم لقيادة هذه الأمة في المستقبل.
والقيادات الشابة التي تربت على منهج الإسلام القويم والمتسلحة بالعلم والمعرفة والمنفتحة على المستقبل هي أمل هذه الأمة في التجديد والنهوض بعد التخلف الذي أصابها على أيدي القيادات المتحجرة والممسكة بتلابيب السلطة ودوائر صنع القرار والعاجزة عن تحقيق أي نهضة أو تقدم أو التخلص من التبعية للدول الأخرى.
محمد خاطر
mimkhater@hotmail.com