لحق القائد الفذّ يحيى السنوار بركب الشهداء في قطاع غزّة، بعد حياة مليئة بالجهاد والنضال، ومقاومة الاحتلال الغاصب لأرض فلسطين، والدفاع عن المسجد الأقصى، وقد أمضى السنوار نحو ربع قرن من حياته في السجون الإسرائيلية، وأفرج عنه ضمن صفقة “وفاء الأحرار” في عام 2011، ليعدَّ العدة، ويهين جيش الاحتلال وقادته في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
النصر الزائف للاحتلال
عقب استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس – الرجل القوي والخطير في المنطقة كما يصفه قادة الاحتلال، والذي أرعب الإسرائيليين في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وكانوا يخشون تكرار ما حدث في ذلك اليوم – استشهاده خرج قادة الاحتلال، الذين يبحثون عن صورة نصر زائف يقدمونه للإسرائيليين، بعد عام من الفشل الاستخباراتي والعسكري، والسقوط الأخلاقي، ليعلنوا مقتله ويتحدثوا عن انتهاء حكم حماس، وعن اليوم التالي في غزة.
وقد نسي هؤلاء أن غزة سيخرج منها المئات وربما الآلاف على شاكلة السنوار، وأن الأحداث الدامية، التي شهدتها غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وحتّى الآن، ستحول عشرات بل مئات الآلاف من الأطفال والشباب في غزة إلى مقاومين.
السنوار لم يتم اغتياله، ولكنه استشهد بقذيفة دبابة وهو يقاتل جيش الاحتلال في الميدان، وفق الرواية الإسرائيلية، فقد ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الاشتباك مع السنوار وقع بحي تل السلطان في رفح، وقالت إنه “كان يرتدي جعبة عسكرية ومعه قيادي ميداني آخر”.
السنوار شهيدًا
كتبنا من قبل، وقلنا إن معركة طوفان الأقصى وتداعياتها المستمرة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول وحتى اليوم، أرتنا الكثير من آيات الله التي كنا نقرؤها ونسمع عنها، ولكننا رأيناها رأي العين في قطاع غزة، فعن السنوار وأمثاله، يقول الله عز وجل: {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم من قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم من يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [سورة الأحزاب: 23].
وفي الحديث الشريف، عن سهل بن حنيف – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من سأل اللَّه الشهادة بصدق، بلَّغه اللَّه منازل الشهداء، وإن مات علَى فراشه” [صحيح مسلم: 1909].
ويحيى السنوار نال ما تمنى، وقتل شهيدًا مقبلًا غير مدبر، ناسفًا بذلك الرواية الإسرائيلية الكاذبة عن اختبائه وسط المدنيين أو في الأنفاق، وتاركًا للأجيال خلفه إرثًا من المقاومة والصمود، ومن الفخر والعزة.
المصدر: مدونات الجزيرة.