البيئة ومخاطر استنزاف الموارد الطبيعية
جرائم الشركات الكبرى
استنزاف الموارد الطبيعية
كيف نقلل الاستهلاك
الموارد الطبيعية تتعرض لاستنزاف ممنهج من قبل الدول الصناعية الكبرى التي تسعى للسيطرة على موارد الطاقة في العالم وتحاول فرض هيمنتها على دول العالم وإرغامها على فتح أسواقها لمنتجات هذه الدول بجميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
والسياسة التي تنتهجها هذه الدول هي زيادة معدلات الإنتاج والدليل على تعافي الاقتصاد عندهم هو زيادة معدلات الاستهلاك والمزيد من الاستهلاك يعني المزيد من التلوث وتدمير الحياة الطبيعية على الكرة الأرضية.
العولمة والنمط الاستهلاكي
الهدف الذي سعت إليه الدول الصناعية الكبرى هو تحويل الإنسان إلى كائن ُمستهلك يستهلك وُيستهلك في نفس الوقت وهو ما نجحت العولمة في تحقيقه إلى حد كبير فاق توقعات من سعوا لنشر العولمة ومفاهيمها.
والشعار الذي رفعته العولمة هو المساواة بين البشر في الاستهلاك وهناك العديد من السلع التي يستهلكها الأغنياء والفقراء على حد سواء وبعض العلامات التجارية العالمية وصلت إلى مناطق نائية من العالم حاملة معها ثقافة البلدان المصنعة للمنتجات التي تحمل هذه العلامات والفضل في ذلك يعود إلى وسائل الإعلام التي استطاعت أن تصل إلى القاصي والداني وأن تدخل إلى غرف النوم وأن تربط بين الجميع على اختلاف ألوانهم وألسنتهم ومللهم وأديانهم واختلاف مشاربهم واهتماماتهم. وطوفان العولمة اجتاح الأرض ولا سبيل لوقفه أو تجنبه وإنما محاولة التقليل من آثاره وأضراره والدور الذي يجب أن تقوم به الشعوب في هذه المرحلة هو المقاومة والتمسك بالثوابت والعودة إلى الجذور.
والتقليل من حجم الاستهلاك هو أفضل وسيلة للحد من الآثار السلبية للعولمة على المجتمعات لأنه يتعارض الهدف الأساسي للعولمة وهو نشر الاستهلاك كثقافة بين الشعوب.
والنجاح في تقليل الاستهلاك بجميع أنواعه سيشكل ضربة قاصمة لمن يسعون لإغراق العالم في مستنقع الاستهلاك.
والاقتصاد في الاستهلاك ينبغي أن يشمل جميع المجالات فنحن بحاجة إلى تقليل استهلاك الطاقة وتقليل استهلاك الموارد الطبيعية وفي مقدمتها الماء.
ونحن بحاجة إلى تقليل استهلاك الإنترنت والحد من استعمال الهواتف المحمولة والحد من عدد الساعات التي نقضيها أمام شاشات التلفاز وبحاجة إلى الحد من استعمال السيارات واستعمال الآلات التي ينتج عنها مواد ملوثة للبيئة.
والثورة التي حدثت في المجال التقني أفرزت نوعاً جديداً من النفايات وهو النفايات الإلكترونية التي تمثل مصدر تهديد للإنسان وللبيئة وأصبحت هناك حاجة ملحة لوضع ضوابط وقيود على طرق التخلص من هذه النفايات وإعادة تدويرها للاستفادة من الأشياء التي يمكن إعادة استعمالها والتخلص الآمن من المكونات الضارة الموجودة في هذه النفايات.
جرائم الشركات الكبرى
الشركات الكبرى العاملة في عدد من المجالات مثل: الطاقة والأدوية وبعض الصناعات ارتكبت الكثير من الجرائم بحق الإنسانية وساعدها في ارتكاب هذه الجرائم الدعم الذي حصلت عليه من عدد من السياسيين في الغرب مقابل تمويل حملاتهم الإنتخابية.
ونتيجة تعاظم الدور الذي تقوم به هذه الشركات على مستوى العالم هي وجود قلة تنعم بالأرباح الوفيرة ووجود ملايين من البشر يعانون من الجوع والفقر والمرض وأثرياء العالم أصبحوا في ازدياد وكذلك أعداد الفقراء وهو ما تظهره الأرقام والاحصائيات.
والشركات الكبرى في العالم لا تهتم إلا بجني الأرباح حتى ولو كان ذلك على حساب صحة الإنسان وعلى حساب البيئة التي تتعرض لأنواع عديدة من الملوثات وأخطر هذه الملوثات هي الملوثات الصناعية التي يتم التخلص منها بطرق غير مشروعة في كثير من الأحيان فهناك مصانع تقوم بإلقاء هذه الملوثات في الأنهار وهو ما يعرض حياة الملايين للخطر والناقلات العملاقة تقوم بإلقاء مخلفاتها في البحار والممرات المائية وهو ما يعرض البيئة البحرية للتلوث بالمعادن الثقيلة. والدول الغربية أصدرت تشريعات تمنع إقامة المشروعات الصناعات الملوثة للبيئة على أراضيها وسعت لإنشاء هذه الصناعات في الدول الفقيرة والنامية ومن الأمثلة على ذلك صناعة الأسمنت والصناعات القائمة على المواد الكيماوية.
والصرف الصناعي بحاجة إلى مراقبة من الجهات المعنية بالحفاظ على البيئة والحرص على أن تتم معالجة المخلفات الصناعية وأن يتم التخلص منها وفقاً للتشريعات البيئية المعمول بها.
ودول العالم بحاجة إلى سن تشريعات وإصدار قوانين واتخاذ إجراءات حازمة ضد الشركات التي تتعمد مخالفة القوانين البيئية وتتحايل عليها وبحاجة إلى رقابة صارمة على الشركات التي تنتج المواد الخطرة تفادياً لحدوث أية كوارث صناعية.
وكارثة بوبال تعتبر من أسوأ الكوارث الصناعية في التاريخ وهذه الكارثة حدثت في مدينة بوبال في الهند عندما حدث انفجار في مصنع المبيدات لشركة يونيون كاربايد في ديسمبر 1984 مما أدى إلى انطلاق غاز ميثيل إيزوسيانات وتعرض أكثر من نصف مليون نسمة لهذا لغاز ولمركّبات كيميائية آخرى. وأشارت التقديرات إلى موت ثمانية إلى عشرة آلاف شخص خلال الأيام الثلاثة الأولى وموت حوالي 25 ألف نسمة في السنوات اللاحقة من أمراض متعلقة بالتعرض للغاز السام. وُقدّر عدد المتضررين الإجمالي بين 150 و600 ألف.
وهناك جهود تبذلها المنظمات المعنية بحماية البيئة ويبذلها بعض الأشخاص في محاربة الشركات الكبرى التي تلوث البيئة وتنتج مواد ضارة بالإنسان ومن هؤلاء الدكتور ماتيوث راث الذي أعلن الحرب على ما سماه “مافيا الأدوية” التي تضم شركات الأدوية الكبرى التي تبيع الوهم للجماهير وتقوم بإنتاج عقاقير لها آثار جانبية خطيرة.
استنزاف الموارد الطبيعية
الهدف الذي تسعى إليه الدول الصناعية الكبرى هو الحصول على الطاقة وتأمين مصادر هذه الطاقة أينما وجدت وهو ما يفسر اهتمام هذه الدول بالمنطقة العربية الغنية بموارد الطاقة وبالمناطق التي تحتوي على مصادر للطاقة سواء كانت تقليدية أو متجددة وهو يفسر أيضاً تواجد الصين القوي في افريقيا واستثمارها لمليارات الدولارات في هذه الدول من أجل ضمان وصول الطاقة لمصانعها.
والصراع المحتدم بين الدول الصناعية الكبرى الآن هو الصراع على الطاقة من أجل زيادة الإنتاج والسيطرة على الأسواق الناشئة.
والخسائر التي تمنى بها البيئة والحياة الطبيعية على كوكب الأرض نتيجة الصراع على مصادر الطاقة من أجل زيادة معدلات الإنتاج لا يمكن تعويضها ومن الأمثلة على ذلك الكائنات الحية التي انقرضت ولم يعد لها وجود والخطر الذي يمثله ذلك على التوازن البيئي بين الكائنات الحية.
والخسائر البيئية يتحملها الفقراء الذين يعانون وحدهم من آثار التلوث البيئي بجميع أنواعه والفقراء هم ضحايا التصحر وضحايا الطوفان وضحايا الكوارث الطبيعية التي تحدث نتيجة الخلل الذي يحدثه الإنسان في الطبيعة.
والأمم المتحدة والمؤسسات العاملة في المجال البيئي يجب أن تسعى لإنشاء صناديق لتعويض ضحايا الكوارث البيئية والتغيرات المناخية وأن تقوم الدول الصناعية الكبرى والشركات المتعددة الجنسية بتمويل هذه الصناديق.
والتشريعات البيئية الوطنية والإقليمية والدولية يجب أن تكون ملزمة لجميع الأطراف وأن تتضمن هذه التشريعات بنوداً تلزم الشركات الكبرى بالحفاظ على البيئة من التلوث وإجراء الأبحاث من أجل تخفيض معدلات التلوث الناتجة عن النشاط الذي تمارسه.
كيف نقلل الاستهلاك؟
هناك محاولة رمزية لتقليل الاستهلاك وخفض معدلات التلوث البيئي من خلال التقليد السنوي المعروف بـ “ساعة الأرض” وهذه الساعة ليست كافية فالأرض بحاجة ليس إلا ساعات وإنما إلى عشرات ومئات الأعوام للتخلص من آثار التلوث البيئي الذي أصاب الماء والهواء والتربة.
ودول العالم بحاجة إلى نشر الوعي بخطورة التلوث البيئي وبضرورة الحافظ على البيئة وحمايتها وأن يقوم كل فرد بدوره في الحفاظ على الأرض التي نحيا عليها جميعاً وأن يستقر في وعي الجميع سواء كانوا منتجين أو مستهلكين أن رفاهية الإنسان لا ينبغي أن تكون على حساب الموارد الطبيعية وعلى حساب تلوث البيئة.
ونحن بحاجة إلى ترسيخ مفهوم جديد في وعي الجماهير وهو “الرفاهية المعتدلة” وهي الرفاهية التي لا تستنزف موارد البيئة أو تلوثها أو تتعارض مع حقوق الآخرين.
وهذه الرفاهية تقوم على الاقتصاد في استهلاك الموارد الطبيعية وفي ذلك ضمان لحقوق الأجيال القادمة في الحصول على الطاقة والعيش في بيئة آمنة خالية من التلوث.
وتقليل الاستهلاك بحاجة إلى أفكار إبداعية وخلاقة وبحاجة إلى من يتبنى هذه الأفكار ويطبقها ومن الأفكار الإبداعية التي اطلعت عليها في النادي العلمي القطري نموذج مصغر لفكرة إعادة استخدام مياه الوضوء بعد معالجتها في أغراض التنظيف وهذه الفكرة بحاجة إلى جهة خاصة أو حكومية (وزارة الأوقاف) تتبناها وتخرجها للنور لكي تظهر الوجه المشرق والحضاري للإسلام الذي يدعو المسلمين للحفاظ على الموارد الطبيعية والاستفادة منها وعدم إهدارها.