الجنس من منظور الشرع والعلم
الحديث عن الدين والجنس والسياسة كان من المحرمات في المجتمعات العربية والإسلامية إلى وقت قريب، بيد أن هذه الحرمة لازمت السياسية لأن لها رجالاً يحمونها ويذودون عنها وزالت هذه الحرمة عن الدين والجنس وأصبح الحديث فيهما مباحاً للجميع بلا ضوابط أو استثناءات والحديث عن الجنس أصبح وكأنه محور حياة.
والوضع بالنسبة للجنس قد تغير الآن وأصبح الحديث عن الجنس على كل لسان وفي كل المناسبات وأصبح مادة متداولة في الصحف والمجلات وفي القنوات الفضائية والاهتمام بالجنس تزايد نتيجة التطور الهائل الذي حدث في وسائل الإعلام وامكانية الحصول على المعلومة – أية معلومة – بيسر وسهولة.
ولا يستطيع عاقل أن ينكر أن لدينا نحن العرب (الغالبية العظمى) جهلاً مركباً بأمور الجنس وهو موجود عند المتعلمين وعند غير المتعلمين وتصل نسبة الجهل بأمور الجنس في المجتمعات العربية إلى 98 % كما تقول الدكتورة هبة قطب استشارية الطب الجنسي وهذا الجهل دفع الكثيرين للبحث عن المعلومات الجنسية ولكن من مصادر مشبوهة وغير أمينة وهناك دراسة أعدتها الدكتورة سحر الطويل الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسيف” تشير إلى أن 80 % من النشء من سن 15 – 18 سنة يتعلمون الجنس من مشاهدة الأفلام، وأن 64 % منهم يشاهدون الأفلام أساساً لأسباب لها علاقة بالجنس، وأن النشء في القاهرة يشاهدون من 3 – 5 أفلام أسبوعياً.
وأعتقد أن الجهل بأمور الجنس في المجتمعات العربية والإسلامية وارتباط الجنس بالخطيئة هو ما دفع الدكتورة هبة قطب إلى إعداد رسالة الدكتوراة الخاصة بها عن الجنس من منظور إسلامي وكانت سباقة في هذا المجال وأدهشت الغربيين بالبحث الذي قدمته حول هذا الموضوع.
نظرة الإسلام للجنس
الميل الجنسي بين الذكر والأنثى فطرة أودعها الله عز وجل وركبها في الإنسان يقول الله عز وجل:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}. سورة آل عمران: 14.
والميل الجنسي غريزة طبيعية مثل غريزة الجوع والعطش والنوم، يقول الأستاذ محمد قطب:” ليس للجنس مشكلة في الإسلام فقد خلقه الله ككل طاقة حيوية ليعمل لا ليكبت، إنه يقره كما يقر الدوافع كلها ثم يقيم أمامها حواجز لا تغلق مجراها ولكن ترفعها وتضبط مجراها “.
ويحدثنا القرآن الكريم عن عملية ممارسة الجنس بأرقى الاساليب وبعيداً عن الإسفاف وإثارة الشهوة والغرائز يقول الله عز وجل:{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. سورة الأعراف: 189.
ويقول تعالى:{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ}. سورة البقرة: 187.
وكلمة اللباس توحي بالستر والدفء والزينة والجمال والقرآن عبر عن الجماع بالإتيان والملامسة والمس وقضاء الوطر والمباشرة.
والأسلوب الراقي الذي تحدث به القرآن والسنة عن الجنس هو الأسلوب الواجب إتباعه في كتابة الروايات والقصص والأفلام والمسلسلات وفي الفتاوى المتعلقة بالعلاقة الزوجية.
ومن الإشارات اللطيفة التي وردت في القرآن الكريم حول الجنس والتي وضعت أسس علم الجنس قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام قول الله عز وجل:{ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}. سورة البقرة: 223.
فالمعاشرة الجنسية حق من الحقوق المشتركة بين الزوجين وهو ما يؤكده قوله تعالى موجها الخطاب للرجال: (فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ) ولذلك لا يجوز ابتزاز الطرف الآخر للحصول على هذا الحق كما يفعل بعض الأزواج والزوجات اليوم، لأن عدم حصول أي من الطرفين على هذا الحق يسبب مشكلات قد تتطور وتصل إلى الطلاق وغياب الزوج لفترات طويلة والحرمان العاطفي الذي تعاني منه المرأة يؤدي إلى الإنحراف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها… والوطء الواجب قيل إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين”.
وقوله تعالى: (أَنَّى شِئْتُمْ) إشارة لطيفة إلى الأوضاع الجنسية وأنها جميعاً مباحة ما دام ذلك في الفرج وفي ذلك يقولُ الرسول صلى الله عليه وسلم لعُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه:«أَقْبِلْ وأَدْبِرْ واتَّقِ الدُّبُرَ والحَيْضَةَ». سنن الترمذي: 3073.
وقوله تعالى:(وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ) يشير إلى حقيقة علمية وهي أن المشاعر تشكل 80 % من الجنس عند المرأة كما تقول الدكتورة هبة قطب، ولكن الكثير من الرجال يتجاهلون هذه الحقيقة ويحرمون المرأة من الحصول على حقها في الاستمتاع أثناء المعاشرة الزوجية. ولذلك يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم الى أهمية المداعبة والملاطفة بين الزوجين قبل الجماع بقوله:” لا يقع أحدكم على امرأته كما تقع البهائم وليكن بينهما رسول. قيل وما هو يا رسول الله ؟ قال: القبلة والكلام”.
والقصور في الأداء الجنسي من جانب الزوج (العنة) أو من جانب الزوجة (البرود الجنسي) ربما كان سبباً في حدوث الكثير من الخلافات بين الزوجين وكان وراء هدم الكثير من البيوت فعدم حصول المرأة على حقها في المعاشرة الزوجية دفع الكثيرات إلى الخيانة الزوجية وإلى الارتماء في أحضان العشيق هرباً من الجحيم الذي تعيش في بيت الزوجية.
وعدم حصول المرأة على حقها في المعاشرة الزوجية يرجع لسببين:
أولاً : عدم قدرة الرجل على القيام بهذا الواجب لأسباب صحية وفي هذه الحالة يجب على الزوج أن يلتمس العلاج، وأن يراجع الطبيب المختص وإلا كان من حق الزوجة أن تطلب الطلاق للضرر والطلاق في هذه الحالة أفضل بكثير من استمرار الزواج وحدوث الخيانة.
ثانياً: عدم إشباع الرجل لرغبة الزوجة وحاجتها وعدم استمتاعها بالمعاشرة الجنسية نتيجة جهل الرجل بأهمية وصول المرأة لمرحلة النشوة في العلاقة الزوجية (الشبق) وما يسببه من ضيق وآلام نفسية وجسدية.
والزينة من الأمور التي يجب أن يحرص عليها كل من الزوجة والزوج وسيدنا عبد الله بن عباس يقول:” إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي”.
وكل ذلك لا يعفي المرأة من المسؤولية عن القصور أو الفتور الذي يصيب العلاقة الزوجية، فقد أثبتت الدراسات بأن هناك نسبة تترواح من 5 – 10% من النساء يعانين من البرود الجنسي لأسباب عضوية تمثل 5% أو نفسية تمثل 95 % .
والله عز وجل رتب على المعاشرة الجنسية أجراً وعدها الرسول صلى الله عليه وسلم من ضمن الصدقات فعَنْ أَبِي ذَرَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:«أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ». صحيح مسلم: 2282.
الوقاية منهج إسلامي أصيل
الإسلام هو دين الفطرة، ولذلك وضع للعلاقة بين الرجل والمرأة الإطار الذي يحفظ الأنساب ويحافظ على طهارة المجتمع ويحقق للرجل والمرأة الاستمتاع بالمعاشرة الجنسية وهذا الإطار هو الزواج.
والإسلام رتب على المعاشرة الزوجية أجراً كما جاء في الحديث والزواج سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله عز وجل أمر غير القادرين ماليا على الزواج بالعفاف ووعدهم بأن يرزقهم ويعينهم يقول تعالى:{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}. سورة النور: 33.
والله شدد العقوبة على مرتكبي جريمة الزنا وجعلها من الكبائر وشرع فيها حداً حتى يكون ذلك رادعاً لمن تسول له نفسه اقتراف هذه الكبيرة، وحد الزنا هو الجلد مائة جلدة للزاني غير المحصن والرجم حتى الموت للزاني المحصن وهو ثابت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد أمر برجم ماعز والغامدية كما في الصحيح.
وشدد العقوبة في قذف الأعراض يقول الله عز وجل:{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. سورة النور: 4.
ويقول تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} سورة النور: 23.
وتوعد من ينشرون الفاحشة في المجتمعات بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة يقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. سورة النور: 19.
والوقاية منهج أصيل من مناهج الإسلام فهو لا ينهى عن الزنا، وإنما ينهى عن المقدمات التي تؤدي للوقوع في الزنا من النظرة والكلمة والخلوة بغير المحارم، فيقول الله عز وجل :{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}. سورة الإسراء: 32.
والله عز وجل أمر المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج يقول تعالى:{ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. سورة النور: 30-31.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:« أنه قال لعلي: يا علي لا تُتْبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة». سنن الترمذي: 2854.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« لكل بني آدم حظ من الزنا، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان يزنيان وزناهما، المشي، والفم يزني وزناه القبل، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». مسند الامام أحمد: 8474.
ويقول أحمد شوقي:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
ويقول الشاعر :
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرت فتكت في قلب صاحبها كفتك السهام بلا قوس أو تـــــــر
والمرء ما دام ذا عين يُقلبهــا في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجتــــــــــه لا مرحبا بسرور عاد بالـــــضرر
والإثارة الجنسية لها أضرار صحية، فتعرض الشباب المتكرر للإثارة الجنسية يحدث احتقان في منطقة الحوض بشكل عام ولهذا الاحتقان مشاكله الجمة والتي تبدأ بالآلام أسفل البطن وربما تتطور إلى التهاب البروستاتا الناتج عن الاحتقان الشديد والآلام بالأعضاء التناسلية بما فيها الخصية والحبل المنوي.
وإذا زادت الحالة وتكررت لمدد أطول قد يحدث دوالي في الخصيتين أو إحداهما، وذلك بسبب زيادة الضغط داخل الجهاز الدوري داخل المنطقة التناسلية وقد يؤثر ذلك سلباً على وظيفة الخصيتين في إنتاج الحيونات المنوية.
والشقاء الذي تعيشه البشرية اليوم هو بسبب بعدها عن شرائع الله عز وجل التي أمرت بحفظ الفروج وتحريم الزنا والحفاظ على الأعراض.
والبشرية اليوم تدفع ضريبة إطلاق العنان للغرائز والشهوات بدافع الحرية الشخصية وتدفع ثمناً باهظاً للتحرر من القيم والأخلاق.
ومرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) هو طاعون العصر، وحتى الآن لم يتمكن الأطباء من إيجاد علاج لهذا المرض، وهناك حوالي 42 مليون مصاب بالإيدز في العالم، وفي تقرير لمنظمة العمل الدولية هناك 26 مليون شخص مصاب من العاملين التي تترواح أعمارهم ما بين 15 ، 45 عاماً.
وهذا المرض ينتشر بسبب الممارسات الجنسية المحرمة، وهو عقاب من الله عز وجل فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ:« يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ». سنن ابن ماجه: 4106.
وإذا كانت الشرائع السماوية قد حرمت الممارسات غير الشرعية، وإذا كان الكثيرون في الشرق والغرب يحذرون من مخاطر هذه الممارسات فهل للعفة والبعد عن العلاقات المحرمة والبعد عن الزنا ومقدماته من فوائد؟ هذا هو الجديد في موضوع الجنس وهو ” البصمة الجنسية ” فلكل شخص بصمة جنسية خاصة والسعي وراء الإثارة والشهوات والمغريات وتعدد العلاقات والممارسات الجنسية المحرمة قبل الزواج يعوق الاستمتاع بممارسة الجنس بعد الزواج، لأن هذه الممارسات المحرمة تشوه الصفحة البيضاء التي خص الله عز وجل بها كلاً من الرجل والمرأة، وهذه الصفحة متروكة للطرف الآخر كي يطبع بصمته عليها بحيث يستمع كلما مارس الجنس معه ولكن إذا كانت هذه الصفحة مليئة بالبصمات والتجارب السابقة فلن يستطيع الطرف الآخر عمل شيء.
وممارسة الجنس خارج الإطار الذي حدده الشرع وهو الزواج يصيب الرجل أو المرأة بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية ولا يجدون المتعة في هذه العلاقات المحرمة مهما تعددت فقد أكد العلماء المختصون أن بنات الليل يعانين من البرود الجنسي ومن اضطراب أساسي في الشخصية والحرمان من الإستمتاع بالعلاقات الجنسية المحرمة من العدل الإلهي المطلق يقول الله عز وجل:{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. سورة يونس: 44.
وفي ذلك تطبيق للقاعدة التي تقول:”من استعجل شيئاً قبل أوانه عُوقب بحرمانه” .
ومن هنا تأتي أهمية الالتزام بتعاليم الإسلام الذي يحافظ على المجتمعات ويحميها من الفاحشة والرذيلة ويضمن للإنسان المسلم الإستمتاع بالعلاقة الزوجية والسلام النفسي وراحة البال وصحة البدن.
يقول البروفيسور “مكلفينا” عالم الجنس:” إن الاشخاص الذين يمارسون العلاقة الزوجية بشكل منتظم يتمتعون بصحة جسدية ونفسية أكثر من غيرهم”.
وتقول الدكتورة “مارتا غروس” المحللة النفسية والمتخصصة في الحياة الجنسية:” إن النساء اللواتي يتمتعن بحياة جنسية جيدة وسعيدة هن صحيحات جسدياً ونفسياً أكثر من غيرهن”.
* المصدر: كتاب الأسرة المسلمة والتحديات المعاصرة، محمد إبراهيم خاطر، دار ابن الجوزي، 2012م