الشباب والعاطفة والجنس
تتميز مرحلة المراهقة والشباب بالعواطف الجياشة وغلبتها على العقل، ولذلك كثيراً ما يقع الشباب والفتيات ضحايا لهذه المشاعر الجارفة التي يستغلها بعض المنحرفين وبعض الساقطات فيخدعونهم بالحديث عن الحب وهو في الحقيقة وهم يعيشونه ويدمر حياتهم وحياة أسرهم ويؤثر سلباً على مستقبلهم.
والشباب في مرحلة المراهقة وما بعدها تكون شهوتهم الجنسية في أوجها وقد يقع البعض منهم في الفاحشة وهذا الأمر يتوقف على البيئة التي يعيشون فيها هل هي بيئة محافظة أم بيئة يغلب عليها الانحلال والتفسخ.
والشباب العربي يعاني من الكبت والحرمان ويتعرض لمغريات كثيرة تثير الغرائز وتهيج الشهوات في الشوارع وفي الأسواق والمجمعات وفي الجامعات ناهيك عن الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية وآلاف المواقع الاباحية على الشبكة العنكبوتية في افساد الشباب والفتيات واسرائيل أطلقت قمراً صناعياً لبث القنوات الإباحية موجه خصيصاً للشباب في المنطقة العربية.
وتقول الدراسات إن هناك اهتماماً متزايداً من قبل المراهقين بالجنس فقد بينت دراسة سعودية أن أكثر من 70% من الملفات التي يتم تداولها بين المراهقين السعوديين عبر الهاتف المحمول تحوي مواد إباحية، ووجدت نفس الدراسة أن 88% من البنات يقلن إنهن تعرضن للتحرش باستخدام البلوتوث.
ومن الأخطاء الجسيمة الذي يقع فيها الكثير من الآباء والأمهات إهمال مشاعر المراهقين والمراهقات وحاجتهم النفسية للحب والشعور بالدفء والحنان وكبت هذه العواطف بداخلهم.
والمطلوب في هذه المرحلة هو توجيه هذه العاطفة الوجهة السليمة، لأن هذه العاطفة إن لم تتوجه وجهة ايجابية توجهت إلى الشخص الخطأ، وربما أدت الى الوقوع في الفاحشة ومن رحمة الله عز وجل بالإنسان وعلمه بضعفه أنه شرع عقوبة الجلد للزاني غير المحصن وشرع رجم الزاني المحصن، يقول الأستاذ محمد قطب:” إن الشهوة الجنسية – لعنفها وتعمقها وشمولها لكثير من نواحي النشاط – أخطر من كل شهوة أخرى حين يباح لها التفريغ الدائم الذي يؤدي بدوره إلى الظمأ الدائم لأن استعبادها للإنسان في هذه الحالة يكون أعنف وأشد وهي كفيلة بأن تفسد عليه عقله وتذهب بصوابه وتجعله عرضة للهبوط والانحلال حين يصبح في النهاية جسداً ينزو كالبهيمة لا يرتفع بفكره ولا بروحه عن مستوى الحيوان فضلاً عن انه حيوان هائج على الدوام”.
ونبي الله يوسف عليه السلام ضرب لنا المثل في العفة والطهارة عندما راودته امرأة العزيز عن نفسه، يقول الله عز وجل:{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} سورة يوسف: 23.
والكثير من الشباب العربي اليوم يعانون من الأسر العاطفي وترى كل واحد من هؤلاء الشباب وقد ربط حاضره ومستقبله وعلق آماله وأحلامه على فتاة قد تكون قريبته أو زميلته أو جارته وتراه وقد أهمل دراسته أو عمله من أجل عيون تلك الفتاة وعندما تتخلى عنه هذه الفتاة أو يفشل في الارتباط بها لسبب أو لآخر تظلم الدنيا في عينيه ويهيم على وجهه ويفشل في دراسته ويفقد عمله ويدمر حياته وربما انتهى به الأمر إلى ارتكاب جريمة من الجرائم، وربما أنهى حياته وفضل الانتحار على فراقها وواقعنا العربي مليء بقصص وحكايات عن هذه الحوادث.
محمد خاطر
mimkhater@hotmail.com