الشباب والعمل السياسي
الشباب العربي من أكثر الفئات عزوفاً عن المشاركة السياسية نظراً للواقع السياسي السيء والمتدهور الذي تشهده الساحة السياسية العربية، ونظراً للقيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير في الكثير من البلدان العربية وانعدام الثقة في الأنظمة الحاكمة وفي حديثها عن الإصلاح والتغيير، والقمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية والخوف الذي رزعته في النفوس.
وأول صدمة سياسية يتعرض لها الطلاب في الجامعات العربية هي استبعاد بعض الطلاب من أصحاب التوجهات الإسلامية وتزوير الانتخابات لصالح الطلاب الموالين للأجهزة الأمنية. ففي الكثير من انتخابات اتحاد الطلاب في الجامعات يكون هناك تدخل سافر للأجهزة الأمنية في اختيار بعض المرشحين من الطلبة وفي استبعاد فئات معينة منهم بسبب توجهاتهم السياسية أو الدينية.
ومن أسباب عزوف الشباب العربي عن المشاركة السياسية عدم وجود وعي بأهمية المشاركة السياسية والقصور الشديد في هذا المجال واقتصار العمل السياسي على فئة محدودة جداً والخوف من الانخراط في العمل السياسي بسبب قمع السلطات للمعارضين ودعاة الإصلاح وأصحاب الرأي الحر.
ومن هذه الأسباب اليأس من التغيير وعدم وجود تداول سلمي للسلطة في ظل الأنظمة التي تقبض على السلطة منذ سنوات وترفض التخلي عنها وعدم وجود بصيص من الأمل في حدوث انفراجة سياسية ولو على المدى البعيد.
ومن تلك الأسباب عدم وجود أحزاب سياسية فاعلة على الساحة، فالغالبية العظمى من الأحزاب أحزاب صنعتها الأنظمة، ولذلك فهي أحزاب ضعيفة ومهمشة ويفت في عضدها الصراع الداخلي على المناصب القيادية في الحزب، وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، والصراع من أجل الاستيلاء على الأموال المخصصة للحزب والأمثلة على ذلك كثيرة.
وهذه الأحزاب ليس لديها دور في المجتمع وليس لديها برامج تجذب الشباب وتغريهم بالعمل السياسي، وليس لديها قاعدة جماهيرية تشجع الشباب على الانخراط في العمل السياسي والاحتكاك المباشر بالجماهير وعلى اكتساب الخبرات والعمل على تطوير الذات والرغبة في الوصول للمناصب القيادية في هذا الحزب أو ذاك. ومنها عدم وجود نموذج للسياسي الذي يصلح لأن يكون قدوة في مجال السياسة عند الشباب، فالغالبية العظمى من القيادات السياسية الحالية في عالمنا العربي متهمة بالفساد والتستر على المفسدين ومتهمة بالاستبداد والدكتاتورية ومصادرة الآراء والحريات وقمع المعارضين، والنتيجة هي الترهل والتردي والشلل التام الذي أصاب الحياة السياسية، وإمساك بعض العقول المتحجرة بتلابيب السلطة، وفشلها في مسايرة تطورات العصر والحفاظ على مقدرات الشعوب وتنميتها، وعدم وجود قيادات شابة مؤهلة للقيام بدورها في النهوض بالمجتمعات العربية.
محمد خاطر
mimkhater@hotmail.com