الشباب وحوادث السيارات
الكثير من الدول العربية وخصوصاً الخليجية منها تعاني من مشكلة كثرة حوادث الطرق التي تستنزف مواردها البشرية وتستنزف مواردها الاقتصادية فهذه الدول تخسر المليارات بسبب حوادث السيارات التي يذهب ضحيتها الشباب الذين هم سر قوة الأمم وعماد نهضتها، والدكتور علي سعيد الغامدي يقول:” إن هناك 14 ألف شخص يموتون سنوياً في منطقة الخليج بسبب الحوادث المرورية هذا بخلاف 60 الف مصاب 60% منهم يصابون بشلل نصفي ومنهم 4 آلاف معاق وخسائر دول الخليج بسبب حوادث الطرق تصل إلى 3% من الناتج القومي الإجمالي وهو ضعف خسائر الدول المتقدمة وقطر تخسر سنوياً مليار و 45 مليون بسبب حوداث الطرق”.
وذكرت دراسة أن المملكة العربية السعودية تخسر سنويا 41 مليار ريال بسبب زيادة معدل الحوادث المرورية الذي تعتبر الأعلى في العالم، وأكدت الدراسة أن 73% من الذين يعانون شللاً في أطرافهم السفلية تعرضوا لتلك الإصابات خلال حوادث السيارات. وذكرت الدراسة أنه من المتوقع أن ترتفع الخسائر الاقتصادية لحوادث المرور في المملكة لتصل إلى 55 مليار ريال على أقل تقدير في عام 2020″.
ومرحلة الشباب تتميز بالقوة والعنفوان والثورة والرغبة الجامحة في الانطلاق والخروج عن المألوف وتجاوز كل الحدود والرغبة في التميز وإثبات الذات.
وإثبات الذات عند الشباب له اوجه متعددة ومختلفة، فالبعض منهم يتجه نحو كتابة الشعر أو القصة ومنهم من يتجه لممارسة نوع من أنواع الفنون كالرسم أو التمثيل أو الغناء وشريحة كبيرة من الشباب تتجه للرياضة إما بالمشاركة واللعب وإما بالمتابعة.
واهتمام فئة كبيرة من الشباب يتجه إلى التحدي والمخاطرة من خلال الاستعراض بالسيارات والدراجات النارية دون ضوابط معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر ومتسببين في إهدار الكثير من الأموال، وهنا يأتي دور المجتمع المتمثل في الأسرة وفي المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام التي يجب أن تقوم بدورها في توعية الشباب بخطورة هذه الممارسات.
وللأسف لم تفلح جهود رجال وزارة الداخلية ورجال إدراة المرور والدعاة ووسائل الإعلام في وقف نزيف دماء الشباب على الطرقات نتيجة الاستعراض بالسيارات والدراجات النارية في الطرقات الرئيسية والفرعية ووسط الأحياء السكنية.
وجزء كبير من المسؤولية عن استعراض الشباب بالسيارات في الشوارع ووسط الأحياء السكنية يقع على الآباء والأمهات الذين لم يحسنوا تربية أبنائهم، ولم يعلموهم وجوب الحفاظ على حياتهم وعلى حياة الآخرين هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى السماح لهم بقيادة السيارات في سن مبكرة ودون الحصول على رخصة القيادة. وهؤلاء الآباء والأمهات لا يفيقون إلا على صدمة مروعة وقاسية عندما يصاب أحد أبنائهم بعاهة مستديمة أو عندما يفقدون واحدا منهم وربما كان ابنهم الوحيد وساعتها لا يفيد الندم.
واعطاء السيارات للمراهقين فيه كفر بنعمة الله عز وجل التي أُمرنا بشكرها والحفاظ عليها وأداء حق الله عز وجل فيها، وفيه كذلك إيذاء للآخرين وتعريض حياتهم للخطر يقول الله عز وجل:{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. سورة الأحزاب: 58.
ولأن الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الأهلية والحكومية تفلح في الحد من تفاقم مشكلة الاستعراض بالسيارات التي بات الجميع يعانون منها أصبح من الواجب على الجميع أن يعملوا لإيجاد حلول مناسبة وعاجلة لها حفاظاً على أرواح هؤلاء الشباب وفي نفس الوقت حماية المجتمع من طيشهم وتهورهم في كثير من الأحيان.
وعلى الجانب الآخر لابد من إصدار تشريعات حازمة تجرم الاستعراض بالسيارات وتنص على توقيع عقوبات رادعة على كل من يشارك في هذه السباقات غير القانونية.
محمد خاطر
mimkhater@hotmail.com