الطفل وحقه في اللعب
مرحلة الطفولة من أخصب المراحل في حياة الإنسان وطبيعة هذه المرحلة تحدد وبشكل كبير مستقبل هذا الإنسان في الكثير من مجالات الحياة واللعب يقوم بدور هام في تشكيل وعي وشخصية الطفل وفي طريقة تعامله من الأشياء ومع الناس من حوله وسر تفوق الغرب والدول المتقدمة في العالم هو الإهتمام بمرحلة الطفولة وتوفير الأجواء المناسبة للأطفال لكي ينمو بتوازن نفسياً وجسدياً وهو ما يتيح لهم الفرصة للإبداع والتميز. والتركيز في مرحلة الطفولة يجب أن يكون على استخدام اللعب كوسيلة لبناء شخصية الطفل وتنمية قدراته.
حرمان الأطفال من اللعب
حرمان الأطفال من اللعب جريمة بحق الطفولة يجب أن يعاقب مرتكبوها حتى يكونوا عبرة لغيرهم فالكثير من الأطفال يُحرمون من ممارسة حقهم في اللعب بطرق كثيرة منها منع الآباء والأمهات لأولادهم من اللعب داخل البيت وخارجه لأسباب كثيرة منها الحزم الزائد والرغبة في عدم الإزعاج. والمعلمون في المدارس يحرمون الأطفال من اللعب عندما يثقلون كاهلهم بالواجبات المدرسية التي لا تترك لهم فرصة للعب وتفريغ طاقاتهم. وتشغيل الأطفال مشكلة خطيرة تعاني منها الدول الفقيرة والنامية وتشغيل الأطفال يغتال براءتهم ويحرمهم من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها الحق في التعليم وتشغيل الأطفال يحرمهم كذلك من اللعب مثل أقرانهم وهو ما يترك آثاراً نفسية سلبية على هؤلاء الأطفال ربما دفعتهم إلى كراهية المجتمع الذي حرمهم من اللعب الذي هو حق لكل طفل. وعمالة الأطفال ما زالت منتشرة في العديد من الدول على الرغم من الدعوات الكثيرة التي تطالب بتجريمها والعمل على منعها والمادة (32) في الفقرة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل تنص على:” تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الإجتماعي”. والحروب والنزاعات المسلحة لا تحرم الأطفال فقط من حقهم في اللعب ولكن تحرمهم الأمن والاستقرار وتحرمهم من التعليم وتحرمهم ممن يقدمون لهم العناية والرعاية كالأب والأم وتعرضهم للإصابات الجسدية وحدوث الإعاقة الدائمة وتعرضهم للكثير من الامراض النفسية.
الطفل وحاجته للعب
اللعب جزء أساسي وهام في حياة الطفل واللعب ضروري لتنمية الناحية الجسمية والحركية والعقلية والانفعالية وكذلك الاجتماعية عند الطفل ولكن الكثير من الآباء والأمهات لا يدركون أهمية اللعب في حياة الطفل ومدى حاجته إليه فاللعب ينمي قدرات ومهارات الطفل الحسية في التعامل مع الأشياء واللعب يزيد من ذكاء الطفل ويستخرج الطاقة الكامنة بداخله واللعب عند الأطفال من الوسائل المهمة في التعلم واكتساب معارف جديدة ولذلك يجب أن نختار الألعاب المناسبة لسن الطفل وأن نختار الألعاب التي تتفق مع معتقداتنا والألعاب التي تنمي المهارات وأن نبتعد عن الألعاب الخطرة التي قد تؤذي الطفل أو تؤذي من يلعب معه. ومن فوائد اللعب امتاص غضب الأطفال والتقليل من عدوانيتهم تجاه الآخرين وإخراج طاقاتهم في اللعب والتخفيف من قلقهم وخوفهم وفي اللعب يجد الأطفال المتعة والفائدة ولذلك يجب أن يدرك الآباء والأمهات أهمية اللعب بالنسبة للأطفال وأن يشجعوهم على اللعب بطريقة صحيحة. وحق الأطفال في اللعب نصت عليه المادة (31) من اتفاقية حقوق الطفل وجاء فيها:” تعترف الدول الأعضاء بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون”.
الرسول واللعب مع الأطفال
للعب أهمية بالغة في تعليم الطفل وفي تنمية مهاراته وهو ما أرشدنا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأثبتته الأبحاث والنظريات التربوية الحديثة. والرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في كل شيء ومنها اللعب مع الأطفال وفي السنة النبوية المطهرة نجد إشارات بالغة الأهمية إلى حاجة الطفل النفسية والجسدية للعب فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:« خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إحْدَى صَلاَتَيِ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنا أَوْ حُسَيْنا فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِهِ سَجَدَةً أَطَالَهَا قَالَ أَبِي فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَإذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ إلَى سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِكَ سَجَدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْكَ! قَالَ: كُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَه ُ». سنن النسائي: 1139 . ففي هذا الحديث سمى الرسول صلى الله عليه وسلم لعب الحسن أو الحسين معه ” حاجة ” ومعنى ذلك انها يجب أن تلبى للطفل وألا يُحرم منها والنبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أثناء أداء واحدة من أهم العبادات في الإسلام وهي الصلاة فهل ندرك ونحن في القرن الحادي والعشرين أهمية اللعب بالنسبة للطفل؟ والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل حفيدته أمامة بنت زينب في الصلاة فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ أنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصلِّي وهو حامِلٌ أُمامةَ بنتَ زَينبَ، بنتِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ولأبي العاصِ بنِ الرَّبِيع بنِ عبدِ شمسٍ، فإذا سَجدَ وضعَها وإِذا قامَ حملَها». صحيح البخاري: 510. وعن أنس رضي الله عنه، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن تسع سنين فانطلقت بي أم سليم إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هذا ابني استخدمه، فخدمت النبي تسع سنين فما قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا وكذا؟ وما قال لي لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا وكذا؟ وأتاني ذات يوم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا ودعاني فأرسلني في حاجة فلما رجعت قال:«لا تُخْبِرْ أَحَداً» واحْتَبست على أمي فلما أتيتها قالت: يا بني ما حبسك؟ قلت: أرسلني رسول الله في حاجة له قالت: وما هي؟ قلت: إنه قال:«لا تُخْبِرَنَّ بِها أَحَداً» قالت: أي بني فاكتم على رسول الله سره”. مسند الامام أحمد: 12492. وفي هذا الحديث جملة من المعاني التربوية السامية منها رفقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع خادمه فلم يعنفه ولم يأمره بما لا يطيق من العمل وترك له الفرصة لكي يلعب مع الأطفال ومنها تبسطه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال الصغار فكان يسلم عليهم كلما مر بهم وكان يداعبهم فعن أنسَ بن مالك رضي الله عنه قال:«إن كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليخالِطُنا حتى يقولَ لأخ لي صغير: ياأبا عُمَير، ما فَعلَ النغَير»؟. صحيح البخاري: 5987. ومن اللفتات الرائعة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفسح المجال للسيدة عائشة رضي الله عنها لكي تلعب وتلهو كقريناتها لأنه تزوجها رضي الله عنها وهي فتاة حديثة السن فكان يراعي ذلك فعنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:« قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السَّتْرِ عنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فقَالَ مَا هذَا يَا عَائِشَةُ؟ قالَتْ بَنَاتِي، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسَا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فقَالَ مَا هذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟ قَالَتْ فَرَسٌ، قَالَ وَمَا هذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ قُلْتُ جَنَاحَانِ، قَالَ فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ قَالَتْ أمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمانَ خَيْلاً لَهَا أَجْنِحَةٌ، قَالَتْ: فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ». سنن أبي داود: 4928.
اللعب وبناء شخصية الطفل
يعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن اللعب ليس مهماً بالنسبة للأطفال ولا شك أنهم مخطئون في ذلك لأنهم لا يدركون أهمية وحاجة الطفل للعب فاللعب ينمي قدرات ومهارات الطفل الحسية في التعامل مع الأشياء واللعب يزيد من ذكاء الطفل ويستخرج الطاقة الكامنة بداخله. واللعب له دوره في بناء شخصية الطفل فاللعب يكسب الطفل الكثير من المهارات التعليمية والحركية والاجتماعية. واللعب عند الأطفال من الوسائل المهمة في التعلم واكتساب معارف جديدة ولذلك يجب أن نختار الألعاب المناسبة لسن الطفل وأن نختار الألعاب التي تتفق مع معتقداتنا الدينية والألعاب التي تنمي المهارات وأن نبتعد عن الألعاب الخطرة التي تؤذي الطفل وتؤذي من يلعب معه. والآباء والأمهات يجب أن ينتبهوا عند شراء الألعاب لأطفالهم لأن بعض الألعاب تشكل خطورة على الطفل وهذه الخطورة تنقسم إلى نوعين: النوع الأول هو الألعاب الخطرة على ثقافة الطفل وهي الألعاب التي تسيء إلى المعتقدات الدينية وتعمل على نشر الخرافات والأساطير. والنوع الثاني هو الألعاب الخطرة على جسم الطفل كالمفرقعات والمقذوفات التي تخرج من المسدسات وغيرها وكذلك المكونات الصغيرة لبعض الألعاب.
ومن الإرشادات التي يقدمها خبراء التربية عند اختيار اللعبة المناسبة للطفل: أن يترك للطفل فرصة اختيار اللعبة التي يرغب فيها وأن يكتفي الوالدين بإرشاد الطفل إلى اللعبة التي تناسب عمره. وأن يعلم الطفل أن لكل لعبة قيمة وهدف معين وأن نوفر للطفل لعبته المفضلة التي تتناسب مع شخصيته وحالته النفسية وأن تتوافر في لعبة الطفل مواصفات اللعبة الجيدة كأن تكون أجزاء اللعبة قابلة للتركيب وأن تكون كبيرة الحجم حتى لا يبتلعها. وأن تكون اللعبة قابلة للغسل حتى لا تتراكم عليها الأوساخ وتكون مصدراً للأمراض وأن يحرص الوالدين على اقتناء الألعاب التي تمارس بشكل جماعي وتتطلب مشاركة الآخرين. ومراعاة السلامة أثناء اللعب بالألعاب السريعة كالدراجات وغيرها والحرص على تنمية خبرات البناء والقابلية والترتيب الموجودة لدى طفلك مع تشجيعه على الإبداع والإبتكار والحرص على أن تكون اللعبة مناسبة لعمر الطفل. والحرص على مراعاة العامل الاقتصادي وميزانية الأسرة عند شراء لعبة للطفل لأن اللعبة لا تقاس بثمنها بل بقيمة الأهداف التي تحققها ولأن الطفل سريع الملل ويبحث دائماً عن الجديد. والألعاب التربوية كما يقول الدكتور زيد الهويدي لها أهداف كثيرة فهي تستخدم كأداة للتعلم وتنمي الجوانب المعرفية عند الطفل وتنمي الجوانب الاجتماعية وتنمي التفكير الإبداعي وتتيح الفرصة أمام الطفل للتعرف على قدراته الطبيعية. وأنواع اللعب هي”: – اللعب التعاوني: يتم اللعب كجماعة ويكون لهم قائد يوجههم وعادة يكون في بداية المرحلة الابتدائية. – اللعب التناظري: يلعب الطفل وحده فيتحدث للعبة وكأنها شخص حقيقي وهو تعويضي للأطفال الذين لا يلعبون مع المجموعات. – اللعب بالمشاركة: يتشارك مجموعة من الأطفال في لعبة معينة لكن دون قائد .. كالسير في طابور أو ترتيب الألعاب. – اللعب الايهامي: يظهر في الشهر الثامن عشر من عمر الرضيع ويصل للذروة في العام السادس وللعب الايهامي فوائد كثيرة منها: ينمي الطفل معرفياً واجتماعياً وانفعالياً، ويستفيد منه علماء النفس في الاطلاع على الحياة النفسية للطفل، يكشف عن الابداعات لدى الأطفال. – اللعب الاستطلاعي: ينمي الطفل معرفياً فعندما يحصل على لعبة جديدة كالسيارة مثلاً يكسرها ليعرف ما تحويه في الداخل .. فاللعبة المعقدة تثير اهتمامه أكثر من اللعبة البسيطة”. وما أردنا أن نوصله للآباء والأمهات والمعلمين من خلال هذا المقال هو إدراك أن اللعب ضرورة للطفل وحق من حقوقه وهو عالم الطفل الجميل واللعب هو الذي يشكل شخصية الطفل وينمي قدراته والمطلوب من الآباء والأمهات أن يتركوا لأولادهم الفرصة للعب وأن يرشدوهم إلى الألعاب المفيدة وأن يشاركوهم في اللعب بها والاستفادة منها ومن لم يستطع شراء لعبة لطفله فبامكانه أن يصنع له لعبة بسيطة في البيت ويشرك الطفل في صنعها وفي ذلك من الفوائد الكثير.
الطفل وحقه في اللعب
يعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن اللعب ليس مهماً للأطفال ولا شك أنهم مخطئون في ذلك لأنهم لا يدركون أهمية وحاجة الطفل للعب، فاللعب ينمي قدرات ومهارات الطفل الحسية في التعامل مع الأشياء واللعب يزيد من ذكاء الطفل ويستخرج الطاقة الكامنة بداخله. واللعب له دوره في بناء شخصية الطفل فاللعب يكسب الطفل الكثير من المهارات التعليمية والحركية والاجتماعية.
ومرحلة الطفولة من أخصب المراحل في حياة الإنسان وطبيعة هذه المرحلة تحدد وبشكل كبير مستقبل هذا الإنسان في الكثير من مجالات الحياة واللعب يقوم بدور هام في تشكيل وعي وشخصية الطفل وفي طريقة تعامله من الأشياء ومع الناس من حوله وسر تفوق الغرب والدول المتقدمة في العالم هو الإهتمام بمرحلة الطفولة وتوفير الأجواء المناسبة للأطفال لكي ينمو بتوازن نفسياً وجسدياً وهو ما يتيح لهم الفرصة للإبداع والتميز. والتركيز في مرحلة الطفولة يجب أن يكون على استخدام اللعب كوسيلة لبناء شخصية الطفل وتنمية قدراته.
وحرمان الأطفال من اللعب جريمة بحق الطفولة يجب أن يعاقب مرتكبوها حتى يكونوا عبرة لغيرهم فالكثير من الأطفال يُحرمون من ممارسة حقهم في اللعب بطرق كثيرة منها منع الآباء والأمهات لأولادهم من اللعب داخل البيت وخارجه لأسباب كثيرة منها الحزم الزائد والرغبة في عدم الإزعاج. والمعلمون في المدارس يحرمون الأطفال من اللعب عندما يثقلون كاهلهم بالواجبات المدرسية التي لا تترك لهم فرصة للعب وتفريغ طاقاتهم.
وتشغيل الأطفال مشكلة خطيرة تعاني منها الدول الفقيرة والنامية وتشغيل الأطفال يغتال براءتهم ويحرمهم من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها الحق في التعليم وتشغيل الأطفال يحرمهم كذلك من اللعب مثل أقرانهم وهو ما يترك آثاراً نفسية سلبية على هؤلاء الأطفال ربما دفعتهم إلى كراهية المجتمع الذي حرمهم من اللعب الذي هو حق لكل طفل.
وعمالة الأطفال ما زالت منتشرة في العديد من الدول على الرغم من الدعوات الكثيرة التي تطالب بتجريمها والعمل على منعها والمادة (32) في الفقرة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل تنص على:” تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الإجتماعي”.
والحروب والنزاعات المسلحة لا تحرم الأطفال فقط من حقهم في اللعب ولكن تحرمهم الأمن والاستقرار وتحرمهم من التعليم وتحرمهم ممن يقدمون لهم العناية والرعاية كالأب والأم وتعرضهم للإصابات الجسدية وحدوث الإعاقة الدائمة وتعرضهم للكثير من الامراض النفسية.
واللعب جزء أساسي وهام في حياة الطفل واللعب ضروري لتنمية الناحية الجسمية والحركية والعقلية والانفعالية وكذلك الاجتماعية عند الطفل ولكن الكثير من الآباء والأمهات لا يدركون أهمية اللعب في حياة الطفل ومدى حاجته إليه فاللعب ينمي قدرات ومهارات الطفل الحسية في التعامل مع الأشياء واللعب يزيد من ذكاء الطفل ويستخرج الطاقة الكامنة بداخله واللعب عند الأطفال من الوسائل المهمة في التعلم واكتساب معارف جديدة ولذلك يجب أن نختار الألعاب المناسبة لسن الطفل وأن نختار الألعاب التي تتفق مع معتقداتنا والألعاب التي تنمي المهارات وأن نبتعد عن الألعاب الخطرة التي قد تؤذي الطفل أو تؤذي من يلعب معه.
ومن فوائد اللعب امتصاص غضب الأطفال والتقليل من عدوانيتهم تجاه الآخرين وإخراج طاقاتهم في اللعب والتخفيف من قلقهم وخوفهم وفي اللعب يجد الأطفال المتعة والفائدة ولذلك يجب أن يدرك الآباء والأمهات أهمية اللعب بالنسبة للأطفال وأن يشجعوهم على اللعب بطريقة صحيحة.
وحق الأطفال في اللعب نصت عليه المادة (31) من اتفاقية حقوق الطفل وجاء فيها:” تعترف الدول الأعضاء بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون”.
وللعب أهمية بالغة في تعليم الطفل وفي تنمية مهاراته وهو ما أرشدنا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأثبتته الأبحاث والنظريات التربوية الحديثة. والرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في كل شيء ومنها اللعب مع الأطفال وفي السنة النبوية المطهرة نجد إشارات بالغة الأهمية إلى حاجة الطفل النفسية والجسدية للعب فقد ورد في الحديث: « قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِكَ سَجَدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْكَ! قَالَ: كُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَه ُ». سنن النسائي: 1139 .
ففي هذا الحديث سمى الرسول صلى الله عليه وسلم لعب الحسن أو الحسين معه “حاجة” ومعنى ذلك انها يجب أن تلبى للطفل وألا يُحرم منها والنبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أثناء أداء واحدة من أهم العبادات في الإسلام وهي الصلاة ومن اللفتات الرائعة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفسح المجال للسيدة عائشة رضي الله عنها لكي تلعب وتلهو كقريناتها لأنه تزوجها رضي الله عنها وهي فتاة حديثة السن فكان يراعي ذلك.
وما أردنا أن نوصله للآباء والأمهات والمعلمين هو أن اللعب ضرورة للطفل وحق من حقوقه وهو عالم الطفل الجميل واللعب هو الذي يشكل شخصية الطفل وينمي قدراته فهل ندرك ونحن في القرن الحادي والعشرين أهمية اللعب بالنسبة للطفل؟
* المصدر: كتاب الأسرة المسلمة والتحديات المعاصرة، محمد إبراهيم خاطر، دار ابن الجوزي، 2012م