الهدنة المؤقتة التي بدأت يوم الجمعة 24 نوفمبر في غزة بعد 50 يومًا من الاعتداءات الوحشية على القطاع، تعد نصرًا جديدًا للمقاومة، التي أرغمت قادة الاحتلال على القبول بها وفقًا لشروطها.
نجاحات المقاومة
الهدنة انتصار جديد للمقاومة، لأنها أجبرت قادة الكيان الصهيوني على وقف القتال لتقليل خسائرهم في الأرواح والمعدات، والحفاظ على بقايا السمعة العسكرية التي كانوا يتباهون بها أمام العالم.
والهدنة التي تنص على وقف إطلاق النار بين الجانبين هي في حقيقتها وقف لإطلاق النار من جانب واحد وهو الكيان الصهيوني الغاصب، فهو الذي يستخدم القوة بشكل مفرط، فوفقًا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن إسرائيل أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة في إطار حربها واسعة النطاق المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي بما يعادل قنبلتين نوويتين، وأن الجيش الإسرائيلي اعترف بأن طائراته استهدفت أكثر من 12 ألف هدف في قطاع غزة مع حصيلة قياسية من القنابل بحيث تتجاوز حصة كل فرد 10 كيلو جرام من المتفجرات.
والمقاومة نجحت في تحرير عدد من الأسرى من سجون الاحتلال، وأظهرت وحشية الكيان الصهيوني الذي يعتقل النساء والأطفال، وحققت من خلال ذلك نصرًا إعلاميًا يدين ممارسات الاحتلال بحق النساء والأطفال.
والهدنة التي شملت تبادل عدد من الأسرى، فتحت باب الأمل لباقي الأسرى الفلسطينيين الذين قضوا عشرات السنوات في السجون الإسرائيلية، ولم تكن هناك أي مؤشرات أو آمال في الإفراج عنهم.
وملف الأسرى من الملفات المسكوت عنها، فهناك أكثر من 8000 أسير فلسطيني بينهم نساء وأطفال يقبعون في سجون الاحتلال منذ سنوات، ولا أحد يلتفت إلى معاناتهم، والمعاملة القاسية والمهينة التي يتلقونها على أيدي شرطة الاحتلال.
ونجحت المقاومة في فتح معبر رفح الذي رفض الكيان الصهيوني فتحه منذ السابع من أكتوبر الماضي، ودخلت المساعدات إلى القطاع بما في ذلك الوقود الذي أصر قادة الاحتلال على منع دخوله منذ بداية العدوان.
الهدنة صفعة جديدة لإسرائيل
الهدنة تمثل صفعة جديدة للكيان الصهيوني بعد الضربة الموجعة التي تلقاها في السابع من أكتوبر الماضي، لأن المقاومة أجبرت قادته على وقف القتال والانصياع لشروطها. والهدنة وإن كانت مؤقتة إلا أنها أكبر دليل على فشل القوة العسكرية الغاشمة التي استخدمها الكيان الصهيوني لتحقيق أهدافه من الحرب على القطاع، ومنها القضاء على حماس أو حتى إضعافها.
والدليل على أن انتصار للمقاومة وخسارة للكيان الصهيوني، أنه من الناحية العسكرية لا توجد مقارنة بين الطرفين، فالتفوق العسكري في صالح إسرائيل، ومن ناحية الدعم الدولي فقد حصلت إسرائيل على دعم دولي ربما يكون غير مسبوق في تاريخها، وحصلت على ضوء أخضر لمهاجمة القطاع بلا هوادة سعيًا منها ومن الدول الداعمة لها للقضاء على حماس كما يقولون، وفي المقابل هناك المقاومة المحاصرة برًا وبحرًا وجوًا، وتتعرض للقصف والاستهداف على مدار الساعة، وتخلى عنها الجميع وتركوها تواجه مصيرًا مجهولًا، وعلى الرغم من ذلك كله أرغمت قادة الكيان الصهيوني المأزومين على قبول الهدنة. ألا يعد ذلك انتصارًا للمقاومة؟!
والهدنة أظهرت الوجه القبيح الكيان الصهيوني الذي يعتقل النساء والأطفال، وعرت ضعفه وهشاشته أمام العالم، ولذلك حرص على منع أي مظهر من مظاهر الاحتفال بالأسرى المفرج عنهم، وأرهب ذويهم، بل وهددهم بإعادة اعتقالهم مرة أخرى إذا احتفلوا بالإفراج عنهم!
إعادة الزخم للقضية الفلسطينية
من نجاحات معركة طوفان الأقصى أن أعادت الزخم للقضية الفلسطينية التي تصدرت واجهة الأحداث في العالم بأسره لأكثر من شهر، وأن رسالتها وصلت لشعوب العالم، والدليل على ذلك هو تزايد الوعي العالمي بعدالة القضية الفلسطينية، وزيادة عدد المناصرين لها حول العالم، وفي الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد بالتعاون مع شركة هاريس المتخصصة في أبحاث السوق أن 48% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، يدعمون حركة حماس.
والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال أظهر اللحمة الفلسطينية، فالقصف والموت والدمار في غزة، والأسرى المفرج عنهم يحتفلون مع أهاليهم في الضفة الغربية، وصرح قيادي من حركة فتح بأن ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر الماضي فخر للفلسطينيين.
ودمتـــم بخيــــــــــــــر. الدوحة في 25/11/2320م.
المصدر: مدونات الجزيرة.