كتب محمد خاطر
نظمت اللجنة المنظمة لجائزة الدوحة للكتاب العربي يوم الأحد 3 مارس 2024، ندوة عامة قدم فيها نخبة من المفكرين والكتاب لمحة عن مسيرتهم العلمية والثقافية.
في البداية تحدث الدكتور محمد أبو موسى، أستاذ البلاغة والنقد من مصر، عن مسيرته الفكرية، وقال إنه كان يقرأ كل شيء لأن لديه عقلًا ناقدًا، ويقول:”كنت اقرأ كتابات الآخر لأعرف كيف يفكر وماذا يقول، والقرآن الكريم أورد الشبهات ورد عليها”.
وذكر أن جهوده كانت منصبة على تيسير لغة العلم للطلاب وكتابتها بلغة زمانها، وفيما يتعلق بالكتابة والتأليف أوضح أن الكتاب لا بد أن يكون فريدًا في موضوعه ولا يمكن الاستغناء عنه بغيره، وأشار إلى أن تحويل كل العلوم إلى واقع منهج نبوي، وأن الأمة تنهض بمجموع أفرادها، وأن كل فرد ينبغي عليه أن يُعد من هو أفضل منه في مجاله.
المتحدث الثاني كان الدكتور طه عبد الرحمن الفيلسوف والمفكر المغربي، الذي ذكر بأنه مشغول بأحداث الأمة الجارية، والبحث عن المعاني الكلية والبحث عن الحلول، وقال إن الإعلامي ابن لحظته والفيلسوف ابن ساعته.
وذكر أن الثغر مظهر فكري، ويأتي في طليعة الثغور ثغر العقل، وأنه أفاق على هزيمة العرب في عام 1967، وذكر أن بناء العقل العربي يقوم على صورة منطقية وصورة فلسفلية، وأن العرب بحاجة إلى التحرر العقلي، وأبرز الثغرات هي:
- ثغر التراث: الهجوم على التراث ومحاولة إنصافه.
- ثغر الحداثة: انتصار الحداثة ومحاولة كشف حقيقتها.
- ثغر الأخلاق: فسبب الهزيمة هو انسداد العقل وانقباض الأخلاق.
وذكر أنه عمل على كشف آفات الحداثة، وإعادة بناء الأخلاق على أسس إيمانية، وقال إن الميثاق أقوى من العقد، ودور الإنسان هو حمل الأمانة وليس السيادة.
وعرف الفلسفة الائتمانية بأنها فلسفة أخلاقية تقوم على الوصل الإيماني وليس على الفصل العلماني، وتحدث عن ثغر الشر المطلق وأنه مسألة أخلاقية قصوى، والسبب في ذلك أنه:
- شر يتحدى العقل والإرادة.
- إيذاء لا ينفك ولا ينحد.
وأشار إلى أن ذهاب المواثقة وهي العلاقة بين العبد وربه وعلاقته مع غيره، وتخريب الفطرة وذهابهما ينفي الإنسانية، وقال إنه لا مفر من استعانة العقل بالوحي، وأن الوحي هو مصدر المعرفة الصحيحة، وذكر أن المسلمين يتحملون المسؤولية عن الإنسانية جمعاء ويتحملون كذلك المسؤولية عن القيم والأخلاق.
والمتحدث التالي كان الدكتور ناصر الدين سعيدوني من الجزائر، وقال في مُستهل مداخلته إن الكتاب يرصد حركة الانسان، والكتاب مؤشر على الإنجاز الحضاري، وأن هناك ضعفًا في صناعة الكتاب في العالم العربي، ونفور دور النشر من طباعة الكتب العميقة، وهناك ضعف في حركة الترجمة والنظرة التجارية وسطحية المعرفة والذكاء الاصطناعي، وهناك نزعة فرانكوفونية وأنجلوفونية في الدول العربية.
وأشار إلى أهمية الترويج للكتاب العربي وجعله سفيرًا للثقافة العربية، وأن كل ما ينتج من فكر هو إضافة معرفية. وذكر أن الانسان يولد بيولوجيًا مرة واحدة، ولكنه يولد فكريًا عدة مرات، وأنه لا بد لكل انسان من مشروع تندرج فيه جهوده، وأن الحياة هدف وأمل، وأن الاستمتاع بالحياة يكون من خلال الإنتاج الفكري وتعليم الآخرين. وذكر أن بالاستعمار الفرنسي اجتث الجزائر عن أصولها، وأكد أن مستقبل الثقافة العربية مستقبل واعد.
وفي مداخلته ذكر الدكتور جيرار جهامي الفلسفة والفكر من لبنان، أن ابن رشد فيلسوف العبور، وأن الفلسفة لا تزال رهينة الخاصة، وأن مهمة الفلسفة الأساسية تكمن في توليدها وإبداعها للمفاهيم، وأكد على أن الكتابة والنشر والإبداع مقومات النجاح في الحياة الأكاديمية.
وأشار الدكتور غانم قدوري الحمد وهو مؤلف ومحقق من العراق، إلى أهمية علم رسم المصحف، وقال إنه لا بد من وجود منهج واضح في التأليف، وذكر هناك من خلال العثور على نسخ قديمة من المصاحف وبعض النقوش المبكرة.
وفي مداخلته ذكر الدكتور مصطفى عقيل الخطيب وهو مؤرخ من قطر، أن مكتبة الوالد كانت محفزًا على القراءة والاطلاع، وأنه نشأ في بيت علم فوالده كان إمامًا وخطيبًا، وأنه استفاد كثيرًا من مقابلة كبار الشيوخ والعلماء وبخاصة شيوخ الأزهر الشريف.
وذكر الدكتور أيمن فؤاد سيد وهو مؤرخ ومحقق من مصر، أنه نشأ في بيت علم فالوالد كان محققا للمخطوطات، وأنه كان يساعد والده في عمله، وأنه أفاد كثيرًا من الاحتكاك بكبار المفكرين والأدباء، وكان لديه اهتمام مبكر بعلم المخطوطات، ومن أعماله تحقيق الفهرست لابن النديم والمواعظ والاعتبار للمقريزي.
وفي مداخلتها ذكرت الدكتور فيحاء عبد الهادي وهي ناقدة وباحثة من فلسطين، أن تكريمها تكريم للمرأة الفلسطينية والعربية، وأن المرأة الفلسطينية في غزة تكتب التاريخ بدمائها وأشلائها.
وذكرت أنها نشأت في بيت أدب وعلم وثقافة وسياسة، وأن مكتبة نابلس كانت بالنسبة لها منبعًا للمعرفة، وأنها كانت تستعير الكتب من مكتبة السجن، وأن أول قصيدة لها نشرها غسان كنفاني في جريدة الهدف. وقالت إن جهودها منصبة على إعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر النساء، وشددت على ضرورة الإخلاص مع الأدب، وذكرت أن المرأة تتصدر كتاباتها كافة، وأنها تحاول إبراز نماذج المرأة البطل، وأن جهودها في الفترة الحالية متركزة على الذاكرة الفلسطينية وتوثيق روايات التهجير منذ 1948.
وفي مداخلته أشاد الدكتور سعد البازعي وهو مفكر وناقد من السعودية بدور قطر والمنطقة في تكريس الاهتمام بالكتاب والثقافة العربية، وذكر أن أزمات الكتاب العربي تكمن في الرقابة والقيود، والأزمة الحضارة والثقافة العربية. وأوضح أن الكتاب مرتبط بالقراءة، ولكن أي قراءة نريد ولماذا؟ وأن نوعية الكتب الرائجة حاليًا عي كتب التنمية البشرية والروايات الهابطة.
وذكر أنه أدمن القراءة منذ الطفولة، ولم يكن البيت الذي نشأ فيه بيت علم فوالده كان تاجرًا، وأنه في البداية كان يقرأ الصحف ويذهب مع أخيه الأكبر للمكتبات العامة القريبة. وأشار إلى أن القراءة ظاهرة مركبة ومعقدة.، وأن دراسته للأدب الأجنبي وبخاصة الإنجليزي أثارت لديه مشكلة الهوية، وأنه أفاد من كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد في محاولة معرفة الآخر. وحول معالم الحداثة ذكر أنه ترجم 60 نصًا تؤرخ للحداثة وتعين القارئ على فهمها، وذكر أن من مؤلفاته كتاب اليهود غي الحضارة الغربية والذي يتناول دور المفكرين اليهود وأثرهم في الحضارة الغربية.
وآخر المتحدثين في الندوة كان الدكتور قطب مصطفى سانو وهو فقيه وأصولي من غينيا، وذكر بأنه ولد في مدينة العلم والعلماء والأولياء، وكان لديه ولع بالقراءة والكتابة في الكتَاب، وأنه كان يقضي وقتا طويلا في المكتبة، وأن والدته كانت من بيت علم، وذكر أنه استفاد كثيرا من مكتبة المركز الثقافي الموجود في العاصمة وأن كان طويل المكث في المكتبة. وذكر أنه استفاد كثيرًا من مجالس العلم في الحرم المكي، ومن فترة دراسته بكلية التربية في جامعة الملك سعود في الدرعية.
وأوضح أن الرغبة في التأليف بدأت لديه مبكرًا وكان هناك تشجيعًا من أستاذه، وذكر أن المحطة التالية في مسيرته العلمية كانت في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ولقاءاته مع كبار العلماء مثل الدكتور طه جابر العلواني رحمه الله.
ويؤكد الدكتور سانو على أن مجال الاجتهاد مفتوح، وأنه كم في الإمكان أبدع مما كان، وأننا بحاجة ملحة إلى نظرة موضوعية للتراث الإسلامي، وإلى اجتهاد معاصر يقوم على معرفة النص وإدراك الواقع بأبعاده المختلفة، وأن هناك حاجة ماسة إلى صناعة هذا النوع من الاجتهاد.