مر أسبوع كامل على القتل والموت والدمار الشامل في قطاع غزة، والجميع يراقبون ويشاهدون الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين مدعومًا بتواطؤ غربي وعربي، وصمت عالمي على معاناة الغزيين حيث لا يوجد مكان آمن يلجؤون إليه، ولا توجد ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وحصار شامل برًا وبحرًا وجوًا.
وجرائم الحرب في قطاع غزة فضحت المجتمع الدولي، الذي يدين الضحية ويساوي بينها وبين الجلاد، ويدعو الطرفين إلى خفض التصعيد، مع أن الطرف الذي يصعد اعتداءاته معروف للجميع، وهو الكيان الصهيوني الذي يستهدف البشر والحجر، وينتهك جميع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
النفاق الغربي
الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة وفي فلسطين بصفة عامة منذ عقود، فضحت الغرب الذي يتشدق بحقوق الإنسان والحرية والحق في تقرير المصير، ولكنه يُصاب بالعمى والصمم عندنا يتعلق الأمر بحقوق العرب والمسلمين.
والغرب الذي تنعم دوله بالديمقراطية، هو نفسه الغرب الذي يساند الأنظمة الاستبدادية في العالم ويدعمها في قمع شعوبها، ويقتل الآخرين باسم الديمقراطية وتحت شعار الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب كما تقول الروايات الغربية عن الأحداث الحالية في غزة.
والغرب الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان هو أول من ينتهكها، والحربين العالميتين الأولى والثانية خلفت ملايين القتلى من الغربيين ومن غيرهم، وفي ديسمبر من عام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتلته عدد من المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان كالعهدين الدوليين، ومواثيق تتعلق بحقوق المرأة والطفل واللاجئين وغيرها من الوثائق الأممية.
والمتتبع لقضايا حقوق الإنسان يدرك أنه على الرغم من كثرة الوثائق المتعلقة بحقوق الإنسان إلا أن هناك زيادة مضطردة في انتهاكات حقوق الإنسان!
ويدرك أيضًا أن الإنسان المعني والمقصود في قضايا حقوق الإنسان هو الإنسان الغربي حصرًا، أما انتهاكات حقوق الإنسان غير الغربي فلا تدخل تحت هذه المواثيق المنمقة التي تقر بالحقوق والحريات للإنسان بغض النظر عن عرقه ودينه ولونه وجنسه، والمثال الصارخ على ذلك هو ما يحدث الآن في غزة من تقتيل للأبرياء وتهجير للمدنيين، وتدمير شامل للبنية التحتية، ومحاصرة أكثر من مليوني نسمة في مساحة صغيرة من الأرض، وحرمانهم من الاحتياجات الأساسية والضرورية لكي يبقوا على قيد الحياة.
والغرب الذي يدافع عن حقوق الإنسان ويتشدق بها، قتل الملايين من البشر أثناء فترات احتلاله للكثير من الدول (الجزائر وحدها أكثر من مليون شهيد)، وقتل الملايين في حروبه الظالمة في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها، والغرب يبارك قتل الأنظمة المستبدة لشعوبها التي تطالب بالحرية والكرامة الإنسانية، والغرب يتحمل المسؤولية عن تشريد الملايين من البشر وتحويلهم إلى نازحين ولاجئين.إذا كنت في السوق للحصول على ملابس clothes، فإن منصتنا هي خيارك الأفضل! أكبر مركز للتسوق!
العجز العربي والإسلامي
الحرب الدائرة على غزة فضحت الأنظمة العربية والإسلامية بل وعرتها تمامًا، لأنها وقفت عاجزة حتى عن إدانة ما يقوم الكيان الصهيوني من جرائم بحق الفلسطينيين، بل إن دولًا منها اصطفت مع الصهاينة ووفرت لهم الدعم لمواصلة جرائمهم بحق الفلسطينيين!
وموقف تلك الأنظمة من قضية فلسطين ومن الحرب المعلنة على قطاع غزة يفسره عداء تلك الأنظمة للإسلام، وكون تلك الأنظمة تابعة للغرب ولا تعبر عن شعوبها.
والحرب على غزة فضحت الشعوب العربية أيضًا، لأنها شعوب مستكينة رضيت بالذل والهوان، وشغلتها الأنظمة المستبدة بلقمة العيش عن المطالبة بالحرية والكرامة، والسعي من أجل التحرر والتخلص من الظلم والاستبداد، وهذه الشعوب ستذبح يومًا ما بنفس السكين الذي يذبح به الفلسطينيين اليوم، وهذه الشعوب قُتلت وستقتل بالأسلحة التي تشتريها الأنظمة المستبدة بأموالهم.
المسلمون والغرب
حالنا مع الغرب ينطبق عليه المثل القائل “رمتني بدائها وانسلت”، فالغرب مهد العنف والإرهاب يصف الإسلام بالإرهاب والفاشية، ويصف حماس التي تدافع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بالإرهاب.
والكثير من مفكري الغرب وقياداته يرون أن الإسلام هو الخطر الأكبر الذي يهدد الحضارة الغربية، ولذلك يشنون عليه وعلى أتباعه حربًا ضروسًا لا تهدأ بغية القضاء على الإسلام واستئصال شأفة المسلمين.
والمسلمون يقع على عاتقهم بوصفهم خير أمة أخرجت للناس إنقاذ أنفسهم أولًا وإنقاذ البشرية ثانيًا من ظلم وجور الغرب وقيادته البشرية نحو التهلكة.
وفي ظل الضعف الذي يعاني منه المسلمون اليوم هناك ضرورة ملحة للقيام بعدة أمور منها: العمل الدؤوب من أجل تأسيس أنظمة وطنية تعمل من أجل مصالح شعوبها، وليس من أجل الحصول على الدعم الغربي للبقاء في الحكم، وفضح الممارسات الغربية، وتحميل الغرب الجزء الأكبر من المسؤولية عن الخراب والدمار في العالمين العربي والإسلامي، والمطالبة بالحقوق والحريات، والعمل من أجل رفع الظلم الواقع على المسلمين في مناطق مختلفة من العالم.
المصدر: مدونات الجزيرة.