العدوان على قطاع غزة دخل شهره الرابع، مخلفًا عشرات آلاف من الشهداء والجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، ومخلفًا دمارًا شاملًا للبنية التحتية ولكل مظاهر الحياة في القطاع، فما هو سر هذه الحرب المسعورة على القطاع؟ وما هو سر التأييد والدعم غير المحدود للكيان الصهيوني في حربه على القطاع؟
الحرب على الإسلام
السبب الأول للعدوان المستمر والمتكرر على غزة، هو خلفية المقاومة الإسلامية، وكونها فصيل سني يدافع عن الأرض والمقدسات ويرفع لواء الجهاد، ولذلك نجد أن هناك دعمًا وتأييدًا غربيًا غير محدود لهذا العدوان، ونجد أيضًا غطاءً عربيًا للقضاء على المقاومة الإسلامية، التي أزعجت بعض الأنظمة العربية المتصهينة، والأمر ببساطة لأنهم يرون في الإسلام وفي كل ما يمثله تهديدًا للحضارة الغربية من ناحية، وتهديدًا للأنظمة العربية الموالية للغرب من ناحية أخرى، وقد قالها نتنياهو صراحة:”نحن لا نخوض حربنا فقط، بل نخوض حرب جميع الدول المتحضرة”.
وهذا الأمر يفسر لنا الحجيج الغربي لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر، وتسابق الدول الغربية في دعم إسرائيل ماديًا ومعنويًا، في مواجهة المقاومة المحاصرة في القطاع منذ سنوات.
ويمكن أن نفهم أيضًا أن الحرب المعلنة على القطاع وعلى المقاومة الإسلامية تأتي في سياق الحرب الذي يخوضها الغرب من أجل القضاء على الإسلام السياسي والذي أخذ أشكالًا متعددة، مثل تقليم الأظافر في المغرب والأردن وفقدان تيار الإسلام السياسي لنفوذه هناك، والصدام الدموي مع أنصار ذلك التيار كما حدث في الجزائر وفي مصر، ومحاصرته في تونس، ووضع اليمن وليبيا والسودان على طريق الانهيار، ومحاصرة تركيا اقتصاديًا وتكبيلها ومنعها من لعب أي دور مؤثر على الساحة العالمية، وبخاصة في مناطق نفوذ الدول الكبرى.
والأمر الآخر الذي لا يمكن إغفاله هو العداء اليهودي المستحكم للمسلمين، يقول الله عز وجل:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} سورة المائدة: 82.
والتوراة والتلمود هما مستودع شرور اليهود الذي لا ينضب، ففي التوراة يأمرهم الرب بأن يقتلوا الشعوب الأخرى بمن فيهم النساء والأطفال، ويأمرهم كذلك بقتل الحيوانات والبهائم وحرق الزرع وهدم البيوت.
ومن المبادئ المذكورة في التلمود أن أرواح غير اليهود أرواح شيطانية، وشبيهة بأرواح الحيوانات، وأنهم مثل الكلاب والحمير، وإنما خلقوا على هيئة الإنسان حتى يكونوا لائقين بخدمة اليهود. وهو ما عبر عنه وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت عن أهالي غزة بأنهم:”حيوانات بشرية”!
ولذلك لا ينبغي أن نفاجأ بالمجازر الوحشية التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين وبحق العرب عمومًا، وبخاصة بحق الأطفال والنساء، فمجازرهم لا تعد ولا تحصى، وما نشاهده اليوم لا يمكن مقارنته بمذبحة مدرسة بحر البقر في مصر، أو مذبحة قانا، أو مذبحة صبرا وشاتيلا، أو مذبحة جنين، وغيرها الكثير، فقد فاقها جميعًا في دمويتها وفي عدد ضحاياها.
النفاق الغربي والعجز الإسلامي
العدوان المتكرر على القطاع يفضح نفاق النظم الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان وتنتهكها في نفس الوقت، وذلك من خلال ما أبدته تلك الأنظمة الغربية من تفهم لحاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها حتى ولو كان ذلك بقتل المدنيين الأبرياء، واستهداف البنية التحتية وجميع مظاهر الحياة في قطاع غزة.
والفجور الأكبر في العدوان على القطاع تمارسه الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل ماديًا ومعنويًا، وتزودها بالأسلحة الفتاكة لتدمير القطاع والقضاء على المقاومة.
ووزارة الخارجية الأميركية تدعي زورًا وبهتانًا “أنها لم تر أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدًا خلال حربها على قطاع غزة”، إذًا بما نفسر سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والذي يقترب من 20 ألف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء؟! وبما نفسر استهداف النازحين، واستهداف المستشفيات، وسيارات الإسعاف، والمدارس؟! وبما نفسر قصف المنازل وهدمها على رؤوس ساكنيها؟
وبريطانيا هي الأخرى تدعم إسرائيل ماديًا وعسكريًا وزودتها بطائرات متطورة للاستطلاع، بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي مع دول غربية أخرى.
والدعم غير المحدود الذي يتلقاه الكيان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي، الهدف منه منع الكيان الصهيوني من التصدع، لأن المقاومة كشفت مدى هشاشته وأنه أوهى من بيت العنكبوت، وإعادة ترميم صورة الجيش الإسرائيلي التي اهتزت وبشدة، بل وتدمرت نتيجة عملية طوفان الأقصى.
وفي المقابل نجد مواقف الدول العربية التي تدعم إسرائيل في عدوانها على القطاع، أو تلك التي تصمت صمت القبور على ذلك العدوان، والسؤال هو: هل الدول العربية والإسلامية عاجزة فعلًا عن نصرة غزة وفلسطين؟ الإجابة هي: كلا، فهناك الكثير الذي يمكن أن تقدمه هذه الدول لفلسطين ولقطاع غزة تحديدًا، سواء كان ذلك دعمًا سياسيًا حتى ولو كان ضمن منظومة القانون الدولي، أو اقتصاديًا بفتح معبر رفح بصفة مستمرة، وإدخال المساعدات دون قيد أو شرط، فالمعبر لا يخضع لأي وصاية من أي جهة خارجية، والفريق القانوني للاحتلال تبرَّأ أمام محكمة العدل الدولية من منع إدخال المساعدات إلى غزة وقال إن مصر هي المسؤولة عن معبر رفع.
المصدر: مدونات الجزيرة.