من يناقش قضايا الشباب؟
الجيل الحالي من الشباب العربي جيل مظلوم ومفترى عليه، فهناك تهم معلبة وجاهزة يوجهونها في كل مناسبة للشباب العربي.
وكل السلبيات التي نتهم بها الشباب العربي تعود الى نمط التربية الخاطيء وإلى البيئة التي تربى فيها هؤلاء الشباب فهم الضحية وليسوا الجناة.
فنحن نتهم الشباب العربي بالسلبية والطيش والتهور في حين اننا لم نربيهم على المشاركة الفعالة في الأسرة والمجتمع ونتهمهم بالاتكالية ونحن الذين عودناهم عليها منذ نعومة أظفارهم فتكفلنا بتقديم كل شيء لهم.
ونحن نتهمهم بالجبن ونحن الذين قتلنا روح المغامرة بداخلهم إما خوفاً عليهم وإما جهلاً بأهمية المحاولة للوصول إلى ما نتطلع إليه.
ونتهمهم بالجهل مع انهم نتاج تربيتنا نحن فنحن الذين قصرنا في غرس القيم والمبادئ في نفوسهم ونحن الذين تركناهم للمربية وللخادمة ولرفقة السوء يتعلمون منهم كل قبيح ومستهجن .
ونتهمهم بالضلال والانغماس في المحرمات ونحن لم نحصنهم بالعقيدة السليمة التي تحميهم من الفتن والبدع ولم نحصنهم بالفكر الصحيح الذي يحميهم من أنفسهم ومن غيرهم.
ونتهمهم بالتفاهة والسطحية مع أن القدوة والنماذج التي تقدمها لهم وسائل الإعلام هي نماذج تافهة ليس لها وزن أو قيمة في أي مجال ومع ذلك تتصدر صورها وأخبارها صفحات الجرائد والمجلات وشاشات الفضائيات!
ونتهمهم بالعقوق ونحن الذين عققناهم فلم نحسن اختيار أمهاتهم ولم نعلمهم شيئاً من القرآن أو من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يشعروا يوماً بحنان الأم أو بعطف الأب وتركناهم للمربية والخادمة والسائق. فهل بعد ذلك ننتظر منهم البر والمودة!
ونتهمهم بالحجود والنكران ونحن لم نزرع في نفوسهم فضيلة الوفاء والاعتراف بجميل الآخرين والاعتراف بصنائع المعروف وقدمنا لهم نحن أسوأ الأمثلة في الجحود والنكران.
وجزء هام من معاناة الشباب في العالم العربي يتمثل في عدم اهتمام وسائل الإعلام بقضايا الشباب وعدم إشراك الشباب في مناقشة قضاياهم وطرح أفكارهم والتعبير عن آرائهم. فشبابنا مغيبون في كل المجالات حتى عند مناقشة القضايا التي تهمهم فلا يجدون أحداً يستمع إلى شكاواهم أو ينصت إلى مقترحاتهم أو يتفهم حاجاتهم ورغباتهم ولا يجدون أحداً يحاورهم أو يحاول الاقتراب منهم.
فالأب مشغول بجمع المال من الحلال أو من الحرام وطيلة الوقت خارج البيت في العمل أو مع الأصدقاء في النوادي أو على المقاهي ويعود إلى البيت كي ينام ولا يكلف نفسه حتى بمجرد السؤال عن أولاده ثم يغادر دون أن يرى أحداً منهم.
والأم مشغولة بالبيت والتنظيف وإعداد الطعام أو مشغولة بجمالها وبصالونات التجميل وبدور الأزياء وصرعات الموضة أو مشغولة بصديقاتها وبالنميمة معهن.
والمدرس ملتزم بوقت محدد للحصة الدراسية وليس عنده وقت للاستماع فضلاً عن المحاورة والأستاذ في الجامعة ملتزم بمقرر دراسي لا يحيد عنه قدر أنملة ولا وقت لديه لمناقشة أحد فلمن يلجأ الشباب إذن لمناقشة أحلامهم وهمومهم صغيرة كانت أم خطيرة؟!
والحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع هي أننا قتلنا روح الإبداع في نفوس الشباب بالمناهج العقيمة وطرق التدريس البالية وبالقهر الفكري والجسدي في البيت والمدرسة وفي الجامعة ونحن من فتح المجال واسعاً أمام الساقطين والساقطات لكي يكونوا قدوة للشباب والفتيات، فأصبح اهتمامهم منصباً على متابعة أخبار الفنانين والفنانات ولاعبي الكرة ومحاكاة الغرب في عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الدينية.
ومن الأمور التي يجب أن ننتبه اليها قبل فوات الأوان شعور الشباب بالغربة عن مجتمعاتهم، وفقدان الكثير من الشباب لإحساسهم بالانتماء لأوطانهم ومجتمعاتهم وأسرهم، ونحن الذين قلتلنا روح الانتماء في نفوسهم بسلبيتنا في تربيتهم وتوجيههم وبمحاصرة أفكارهم ووأد أحلامهم وبالمعاناة النفسية والجسدية الرهيبة التي يعيشونها وبالضغوط التي شيبتهم قبل الأوان.
فهناك أشياء يقوم بها بعض الشباب وتبدو بسيطة من وجهة نظرنا ولكنها تدل على عدم الشعور بالمسؤولية وعدم الاحساس بالانتماء تجاه الأوطان التي نعيش في رحابها.
ومنها تخريب المنشآت والمرافق العامة وتخريب الطرق ووسائل المواصلات العامة وعدم الحفاظ على نظافة الأماكن العامة التي يترددون عليها والرسم والكتابة على الجدران وتلك الأمور تحدث لأننا لم نزرع في نفوس هؤلاء الشباب حب الوطن والمحافظة عليه ولم نزرع في نفوسهم أن حرمة المال العام أشد من حرمة من المال الخاص لأنه ملك للجميع.
والشباب العربي ضحية لسياسات أسرية وحكومية خاطئة وفاشلة ولتحقيق أي نهضة أو تقدم لا بد من تمكين الشباب لكي يقوموا بدورهم في البناء والتنمية وفي قيادة مجتمعاتهم نحو المكانة التي تستحقها في ظل المتغيرات التي تعصف بكل دول العالم، فالشباب الواعي المثقف المدرك لكل ما يدور حوله هو القادر على مواجهة كل الصعاب والتحديات وهو القادر على تحقيق الأمال العريضة، وقدوتنا في ذلك هو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أعد جيلاً من القادة الشباب الذين فتحوا العالم ونشروا الإسلام والأمن في ربوع العالم.
وصفحات التاريخ مليئة بمواقفهم العظيمة وتضحياتهم الغالية في نشر الإسلام وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة كما قال الربعي بن عامر لقائد الفرس.
وفي ظل هذه الصورة القاتمة لوضع شبابنا العربي الحالي ولمستقبله المجهول يجب إبراز الإنجازات التي حققها الشباب العربي على كل المستويات المحلية والعالمية وليس في المجال الرياضي فقط وإنما في المجالات العلمية والأدبية.
وكذلك رعاية الموهوبين والمبدعين في كل المجالات وتشجيع الشباب على الأعمال الحرفية وعلى الابتكار فيها ودعم مشاريع الشباب وتذليل العقبات أمامهم.
محمد خاطر
mimkhater@hotmail.com