موقف الإسلام من التمييز بين الرجل والمرأة
الإسلام لا يعرف التمييز بين الرجل والمرأة ولا يقره بحال من الأحوال، فهما متساويان في الأعمال، ومتساويان في الأجر والثواب وفي العقوبات أيضاً.
ففي مجال الأعمال والطاعات يقول الله عز وجل:(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) سورة آل عمران: 195.
ويقول الله عز وجل:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) سورة النحل: 97.
وفي مجال العقوبات يقول الله عز وجل:( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة المائدة: 38.
ويقول الله عز وجل:( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة النور: 2.
ويمكن القول ان الرجل والمرأة في الإسلام متساويان في الحقوق والواجبات وفقاً لما منحه الله عز وجل لكل منهما من خصائص ووفقاً لما أمرهما به من تكاليف وما يتوهمه البعض من أن هناك تمييزاً بين الرجل والمرأة في الإسلام، ويتخذون من القوامة والميراث وتعدد الزوجات والشهادة وإباحة زواج المسلم من الكتابية دليلاً وحجة على ذلك، فليس بصحيح. فعند مناقشة هذه الأمور بعدالة وإنصاف نجد أنها جميعاً تصب في صالح المرأة، ولا تنقص من قدرها شيئاً، وانها لا تعطي للرجل أية أفضلية بسبب الذكورة؛ بل هي في الواقع تكاليف، وأعباء إضافية يتحملها الرجل. واهتمام الغرب المبالغ فيه بالمرأة وحقوقها ومحاولة تصدير هذا الاهتمام للدول العربية والإسلامية لم ينبع من حرصهم على المرأة المسلمة وحقوقها وإنما لاستخدامها وسيلة لإفساد المجتمعات ونشر الإنحلال والرذيلة فيها وهو ما يتضح جلياً من خلال ” اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة” المعروفة اختصاراً بـ CEDAW ( سيداو).
تقول المادة الأولى من هذه الاتفاقية:” يعني مصطلح “التمييز ضد المرأة” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو احباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل”.
ومن توصيات لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في الدورة الثالثة عشرة 1992، نأخذ التوصية العامة رقم (21) والمتعلقة بالمساواة في الزواج والعلاقات الأسرية التي جاء فيها:
– يمكن أن يختلف شكل الأسرة ومفهومها بين دولة وأخرى بل بين منطقة وأخرى داخل الدولة. وأياً كان شكلها وأياً كان النظام القانوني أو الدين أو العرف أو التقاليد داخل البلد يجب أن تتفق معاملة المرأة داخل الأسرة سواء من القانون أو في الحياة الخاصة مع مبدأ المساواة والعدل بين جميع الناس.
– إن تعدد الزوجات يخالف حق المرأة في المساواة بالرجل وقد تكون له نتائج عاطفية ومالية خطيرة عليها وعلى من تعولهم إلى حد يستوجب عدم تشجيع هذه الزيجات وحظرها.
– قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 884 (د-34) الذي يوصي الدول بضمان أن يكون للرجل والمرأة اللذين تجمعهما نفس الدرجة من القرابة بشخص متوفي الحق في الحصول على حصص متساوية في التركة والحق في مرتبة متساوية في ترتيب الورثة”. ص101.
فالفقرة الأولى تنسف بالكلية المفهوم المتعارف عليه للأسرة وتروج لبدائل أخرى لهذا المفهوم تقوم على الشذوذ والمثلية الجنسية.
والفقرة الثانية تدعو لحظر تعدد الزوجات ولا تشير من قريب أو بعيد للآثار السلبية لهذا الحظر، ولم تتعرض هذه الفقرة لتعدد الخليلات وانتشار الزنا وآثاره الهدامة على الأسرة والمجتمع.
والفقرة الثالثة تدعو للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث رغم الاختلاف والفوارق الكبيرة في المسؤوليات المالية لكل من الرجل والمرأة.
والمساواة بين الرجل والمرأة من الأمور التي أثارت جدلاً كبيراً، واستخدمها الغربيون، ودعاة تحرير المرأة، للتغرير بالمرأة المسلمة.
والمرأة في الغرب وإلى الآن لم تستطع الحصول على الحقوق التي أقرها الإسلام للمرأة وذلك بشهادة العقلاء من الرجال والنساء في الغرب، ولا توجد مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة هناك، والمرأة في الغرب ما زالت تعاني من التمييز في أمور كثيرة. والمساواة بين الرجل والمرأة تكون فقط في الحقوق والواجبات، وليست في الخصائص والمميزات، وهو ما أقره الاسلام يقول الله عز وجل:( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ) سورة البقرة: 228.
وقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها:« إنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». سنن أبي داود: 236.
وقول صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ:« ألاَ واسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيراً، فإنَّمَا هُنَّ عَوانٌ عِنْدَكمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ، إلاَّ أَنَّ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهجُرُوهُنَّ في المضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ. فَإنْ أطَعْنكُمُ فَلاَ تَبْغُوا علَيْهِنَّ سَبِيلاً. أَلاَ إنّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُم حَقّاً. ولِنسَائِكمْ عَلَيْكُمْ حَقاً. فَأَمَّا حَقكُّمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئنَ فُرُشكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ ولاَ يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ. ألاَ وحَقهُنَّ عَلَيْكُمْ أنْ تُحسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وطَعَامِهِن». صحيح. البخاري (2/332و3/440).