نص وثيقة المدينة
قال ابن هشام: قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله كتاباً بين المهاجرين والأنصار، ودعا فيه يهود، وعاهدهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم:
“بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي (صلى الله عليه وسلم) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم:
* إنهم أمة واحدة من دون الناس.
* المهاجرون من قريش على ربعتهم (1)، يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عوف على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو ساعدة على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الحارث على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو جشم على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النجار على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النُبيت على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
* وإن المؤمنين لا يتركون مفرحاً (2) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل (3).
* وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه.
* وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة (4) ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين، وإن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم.
* ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر ولا ينصر كافراً على مؤمن.
* وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم.
* وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.
* وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.
* وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم.
* وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضاً.
* وإن المؤمنين يـبيء (5) بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله.
* وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه.
* وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ولا يحول دونه على مؤمن. وإنه من اعتبط (6) مؤمناً قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول.
* وإن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه.
* وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة؛ وآمن بالله واليوم الآخر؛ أن ينصر محدثا ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل.
* وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
* وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين.
* لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (7) إلا نفسه وأهل بيته.
* وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بن عوف، وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته.
* وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.
* وإن لبني الشُطَيبة مثل ما ليهود بني عوف.
* وإن البر دون الإثم وإن موالي ثعلبة كأنفسهم.
* وإن بطانة يهود كأنفسهم.
* وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد.
* وإنه لا ينحجز على نار جرح.
* وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته، إلا من ظُلم.
* وإن الله على أبر هذا.
* وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.
* وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه.
* وإن النصر للمظلوم.
* وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
* وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة.
* وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم.
* وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.
* وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله.
* وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.
* وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها.
* وإن بينهم النصر على من دهم يثرب.
* وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين – إلا من حارب في الدين – على كل أناس حصتهم في جانبهم الذي قبلهم.
* وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة.- قال ابن هشام ويقال مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة.
* وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه.
* وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.
* وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم.
* وإن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله.
================
1 – حالهم وشأنهم الذي كانوا عليه، النهاية، ابن الأثير 2/189 .
2 – هو من أثقله الدين والغرم، النهاية 3/424.
3 – في الأصل هنا: “قال ابن هشام –”المفرح المثقل بالدين والكثير العيال، قال الشاعر: إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة ** وتحمل أخرى أفرحتك الودائع”.
4 – أي عطية:أي طلب عطية على سبيل الظلم، النهاية 2/117.
5 – أي:يلتزم. النهاية 1/159.
6 – أي: قتله بغير جناية، ولا جريرة. النهاية 3/172.
7 – أي: يهلك. النهاية 5/149.
* المصدر: موقع أون إسلام