هدم الحدود الفاصلة بين الإعلان والإعلام والدعوة
تثير التعليقات حول قيام داعية بتنفيذ (إعلان تجاري) الآتي:
1. هدم الحدود الفاصلة بين (الإعلان، والإعلام، والدعوة)، وهذه السيولة جزء من (صرعة) الدعاة الجدد الخارجين على كل تقليد علمي وغير علمي. فالإعلان محدد المقاصد والأهداف وهو ابن الفلسفة الرأسمالية، ويقوم على (التسويق، والتزيين من دون الاحتكام إلى أخلاقيات سوى الربح، وغالبًا ما تكون المرأة فاعلاً مركزيًّا فيه للجذب). أما الإعلام فهدفه إيصال معلومة أو خبر، وتحكمه أخلاقيات مهنية عديدة، ويخضع للتجاذبات السياسية، ولكنه في محصلة الأمر يتناول خطابًا فكريًّا وسياسيًّا محددًا. أما الدعوة فهي حَمل الناس على مبدأ أو قيمة أو فكرة يرى صاحبها أنها (حق) ويبتغي بها نفعَ الناس ليس إلا، والأصل فيها أنها مهمة الأنبياء (قل لا أسألكم عليه أجرًا).
2. التلاعب بالمضامين الدينية (الرقي الروحي) وربطها بمنتجات تجارية هو خضوع لمنطق الإعلان كما سبق، وتجنٍّ على المضمون الأخلاقي والديني؛ لأنه مخالف للواقع، كما أن الرقي الروحي مرتبط بمعان غير اقتصادية كالجوع، والإحساس بحاجات الناس، والتكافل وغير ذلك، كما أن الربط بين نوع الغذاء ورقي الروح هو ربط مخالف لتقاليد الصوفية التي تقوم على رقي الروح بمخالفة رغبات الجسد الذي هو سجن الروح. فضلاً عن أن اختزال الصحة بمنتج محدد هو خطيئة طبية وعلمية صادرة من غير أهلها، فالطعام الصحي يتناول النوعية والخصائص والمقادير والكيفيات والكميات.
3. أن يلعب داعيةٌ أو شيخٌ دور البطولة في إعلان تجاري يعني أنه دخل في (أداة تواصلية)؛ لأن هدف الإعلان هو تحريك رغبات المستهلكين وحملهم على شرائه، ومن هنا عليه أن يتحمل ردات فعل المستهلكين الفعليين أو المحتَمَلين من الرفض والنقد والسخرية؛ لأن هذه هي طبيعة العملية التواصلية الإعلانية، ومن ثم لا معنى لقيم الغيبة والنميمة وغيرها في هذا السياق التواصلي؛ لأن هذه القيم تخضع (للفعل الطبيعي) الصادر عن إرادة فاعله بشكل غير ربحي، ووُضعت لصون حرمة الفعل الفردي والاختيار الفردي، وليس للفعل التواصلي التسويقي.
4. ثمة قيمة أخلاقية تحكم الكثير من الممارسات وهي تعارض المصالح (conflict of interest)، وبعض المؤسسات تُلزم موظفيها بالتوقيع على ما يصون هذه القيمة، فالمُعلن متورط في مصلحة شخصية، وهو ما يؤثر في نزاهة أي معلومة أو فكرة تَرد في سياق الإعلان؛ لأنها ترد في سياق مصلحي نفعي للمُعلن.
5. التجار أقدر على فهم التجار، ولذلك سيسعى البعض لتبرير مثل هذه الإعلانات التسويقية تحت ذرائع دينية؛ لأن أشكال التسويق تتعدد وتتنوع، فهناك أولاد مشايخ أُثروا على حسّ آبائهم واستثمروا بأسماء آبائهم، وتحت مسمى العمل الخيري، وهو مما ينتمي إلى العمل الإعلاني الخفي.
https://www.facebook.com/motaz.alkhateeb