ملخص كتاب وثيقة المدينة
حرص النبي صلى الله عليه وسلم بعد وصوله للمدينة المنورة على وضع أسس التعايش السلمي بين مكونات المجتمع الجديد الذي أصبح فيما بعد عاصمة الدولة الإسلامية، ومن الخطوات التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم لإشاعة الأخوة والمحبة والسلام في مجتمع المدينة بناء المسجد الجامع، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وكتابة الصحيفة (وثيقة المدينة) التي تؤسس للعيش المشترك بين المكونات السكانية للمدينة في ذلك الوقت وتحدد طبيعة العلاقة بين المسلمين واليهود.
وأهمية دراسة “وثيقة المدينة” تفرضها الحاجة الماسة إلى بيان وتقرير أهمية التعايش بين مكونات المجتمعات المعاصرة، والتي تشهد صراعات بين أطياف ومكونات المجتمع الواحد بل وبين المنتمين لنفس الدين، والسبب في ذلك هو عدم القدرة على إدارة الاختلاف والتنوع، وعدم الايمان بضرورة التعايش مع الآخرين من أجل تحقيق مصالح الجميع.
ووثيقة المدينة تعتبر من الوثائق التأسيسية لحقوق الإنسان وللمواطنة والتعايش بين الأطياف المختلفة الموجودة في الكثير من المجتمعات، والوثيقة التي كتبت في بداية العهد المدني احتوت على مقومات بناء المجتمع المتماسك على الرغم من الاختلاف في المعتقدات وفي الانتماء.
والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة شافية هو لماذا عجزت المجتمعات والدول الإسلامية المعاصرة عن تحقيق التعايش والاستقرار بين مكوناتها، على الرغم من وجود نماذج رائعة للتسامح والتعايش في ظل الدولة الإسلامية التي أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وفي ظل الحضارة الإسلامية التي شملت الجميع مسلمين وغير مسلمين بالرعاية والحماية وحافظت على الحقوق والحريات.
ووثيقة المدينة حظيت باهتمام الكثير من المؤرخين والباحثين الذين تعرضوا لتاريخية الوثيقة ورواياتها المتعددة، ومنهم من أفردها بمؤلفات خاصة، ومنهم من ضمنها كتبه وأبحاثه خلال تناوله لقضايا حقوق الإنسان.
وفي هذه الدراسة سنعرض لعدد من الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي وردت الإشارة إليها في الوثيقة لتكون نبراسًا ونموذجًا يحتذى في التعايش بين مكونات المجتمع المختلفة، وضمان أمن واستقرار المجتمع.