المرأة وحجر الضب
مسكينة هي المرأة العربية والمسلمة التي يتاجرون بحقوقها ويسعون لجعلها مسخاً ونسخة مكررة للمرأة الغربية التي أصبحت معاناتها بلا حدود. فالمرأة في الغرب أصبحت سلعة رخيصة تستهلك في الكثير من المجالات في العمل وفي الترفيه وفي التسويق وفي قضاء الشهوات.
ووضع المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية اليوم دليل على تخلف هذه المجتمعات التي تسعى بكل السبل إلى تغريب المرأة المسلمة فهذه المجتمعات تشجع المرأة على السفور والاختلاط بالرجال في أماكن الدراسة والعمل وتمنع الحجاب وتمنع تعدد الزوجات وتفتح الأبواب للزنا والشذوذ الجنسي.
ووضع المرأة العربية والمسلمة في تدهور مستمر ومخططات إفساد المرأة وإفساد المجتمع كنتيجة حتمية لإفساد المرأة تسير بوتيرة متسارعة وتؤتي ثمارها في كل المجالات وفي كل المناطق بلا استثناء. فالمرأة اليوم تزاحم الرجال في جميع الوظائف حتى تلك التي لا تليق بالمرأة ولا تناسب طبيعتها وتكوينها من الناحية النفسية والجسدية وفي ذلك امتهان لكرامة المرأة وحط من قدرها.
وتحت دعاوى مشاركة المرأة في التنمية ودعاوى التحرر والاختلاط النظيف خرجت المرأة إلى العمل ومخالطة الرجال وأهملت أولادها وزوجها وبيتها وأصبحت فريسة سهلة للطامعين وأصحاب النفوس المريضة وعرضة للتحرش والإبتزاز الجنسي وهو ما تعترف به الغالبية العظمى من النساء اللواتي يعملن في أماكن مختلطة. وكما خُدعت المرأة في الغرب بشعار المساواة الزائف يحاول الكثيرون اليوم خداع المرأة المسلمة بذات الشعار وهدفهم هو إخراج المرأة من بيتها إلى الشارع وإلى العمل وإلى الاختلاط بالرجال لكي تفقد حياءها وعفتها وتتحول إلى أداة لغواية الرجال وإفساد الشباب. ولو كان في خروج المرأة من بيتها للعمل مشاركة في تنمية المجتمع لوضعوا المرأة في الأعمال التي تناسب طبيعتها وتحفظ كرامتها ولكنهم وضعوا المرأة في المواجهة وفي الخطوط الأمامية لكي تتعرض لأنواع كثيرة من الايذاء النفسي والجسدي وهم بهذا الفعل يقلدون الغربيين ويسيرون خلفهم دون وعي وإدراك لما حل بالمجتمعات الغربية من فساد وانحلال نتيجة الاختلاط.
والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من التقليد الأعمى لأصحاب المذاهب الضالة والمنحرفة عن أبي سعيدٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:« لَتتَّبِعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم شِبراً بشِبرٍ وذِراعاً بذِراع، حتّى لو سَلَكوا جُحرَ ضَبٍّ لَسَلكتُموهُ. قلنا: يارسولَ الله، اليهودَ والنصارَى؟ قال: فمن؟». صحيح البخاري: 3381.
وخروج المرأة للعمل في الكثير من المجتمعات والمحافظة منها على وجه الخصوص فيه إجبار للمرأة على الاختلاط بالرجال على الرغم من امكانية توظيف المرأة في مجالات كثيرة تؤدي من خلالها دورها في تنمية المجتمع وتحفظ للمرأة حيائها وكرامتها.
وهناك عدد من الوظائف التي تجبر فيها المرأة على الاختلاط بالرجال ومنها العمل كسكرتيرة وكموظفة استقبال وكمندوبة مبيعات وتسويق وكسائقة سيارة أجرة أو سائقة شاحنة أو موزعة بريد وغيرها من الوظائف التي تضطر فيها المرأة إلى التعامل مباشرة مع الرجال. ونهي الإسلام عن الاختلاط فيه حفاظ على كرامة المرأة وعلى طهارة المجتمع فعنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما أنهُ سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:« لا يَخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ، ولا تُسافِرَنَّ امرأةٌ إلا ومعَها مَحْرَم. فقامَ رجُلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ، اكتَتَبْتُ في غَزوةِ كذا وكذا، وخَرَجتِ امرأتي حاجَّة. قال: اذهَبْ فاحجُجْ مع امرأتك». صحيح البخاري: 2939.
والإختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات وفي العمل من الأمور التي يثار حولها الجدل بين فينة وأخرى. ودعاة الإختلاط يرون أن الفصل بين الجنسين من مخلفات الماضي لدرجة أن الأستاذ جمال البنا يقول: “إن الاختلاط ضرورة وفصل الجنسين عملية وحشية”! وقال عن حجاب المرأة المسلمة بأنه غير شرعي ولا حاجة له الآن لأنه يعيق المرأة عن ممارسة حياتها العملية والحجاب مجرد عادات اجتماعية والنساء كانت تختمر لتقي نفسها من التراب أو من الشمس ولا علاقة له بالدين. ويرى دعاة الاختلاط أن خلفية الدعوة إلى الفصل بين الجنسين مرجعها عقد نفسية عند أصحابها. وهؤلاء يغفلون عن عمد الأضرار النفسية والاجتماعية المترتبة على الاختلاط والتي حذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم فعن أُسامةَ بن زيدٍ رضي الله عنهما عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال:« ماتركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجالِ من النساء». صحيح البخاري: 4976.
ولو رجعنا إلى الفطرة السليمة لوجدنا أن الاختلاط عملية وحشية وتعذيب يومي للشباب والفتيات وللرجال والنساء على حد سواء. والمرأة هي التي تعاني من الاختلاط وآثاره السلبية والدليل على ذلك المضايقات التي تتعرض لها الفتيات في المدارس والجامعات والمضايقات التي تتعرض لها المرأة في أماكن العمل. والمرأة التي تخرج بمفردها إلى الأماكن المختلطة تتعرض للتحرش سواء بالألفاظ الخارجة أو بالحركات والايماءات.
والاختلاط محفز للجرائم الأخلاقية كالزنا وغيره لأنه يزيل الحواجز بين الشاب والفتاة وبين الرجل والمرأة والعلاقات المحرمة التي يسمونها زوراً وبهتاناً “زواجاً عرفياً” بين الشباب والفتيات في الجامعات وفي المدارس الثانوية ما كانت لتنتشر وتصبح مشكلة تعاني منها المجمتعات العربية لولا الاختلاط والاحتكاك المباشر بين الشباب والفتيات وخروج الفتيات إلى الجامعات بملابس مثيرة وفاضحة. ومن هنا ندرك عظمة الإسلام الذي دعا إلى غض البصر وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية حفاظاً على طهارة المجتمع.
دعاة الاختلاط يحاولون انكار حقيقة الميل الفطري بين الجنسين وما يترتب عليه من الوقوع في الفاحشة. ودعاة الاختلاط يأخذون أفكار الغربيين ويحاولون جاهدين تطبيقها في المجتمعات العربية والإسلامية فهل كان في الاختلاط حلاً لمشكلات الغرب؟!
الإجابة القاطعة بالنفي فعلى الرغم من الاختلاط والحرية الجنسية ما زالت المرأة هناك تتعرض للتحرش الجنسي بكل صوره والمجتمعات الغربية تعاني من حمل المراهقات ومن الزيادة المطردة في عدد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج.
والإباحية المطلقة في الغرب أدت إلى الشذوذ الجنسي وإلى انتشار مرض الإيدز وغيره من الأمراض الجنسية التي تنتقل عن طريق الممارسات الجنسية المحرمة وهو ما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:« يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ». سنن ابن ماجه: 4106.
وخروج المرأة للعمل له تكاليف باهظة تتحملها المجتمعات وأخطر شيء ينتج عن عمل المرأة هو تخلي المرأة رغماً عنها عن أهم وأخطر وظيفة تقوم بها في المجتمع وهي تربية الأولاد. وكل فساد يحدث في المجتمع منشؤه المرأة وهذا الفساد يبدأ بإهمال المرأة لتربية أولادها وما يجره على المجتمع بعد ذلك من فساد وانحراف. والذين دعوا إلى تحرير المرأة وإخراجها من بيتها للعمل لم يريدوا بها خيراً ولم يفكروا مطلقاً في حفظ كرامتها وصيانة عرضها والحفاظ على عفتها وحيائها. فهؤلاء تعمدوا إهانة المرأة وإهدار كرامتها والدليل على ذلك أنهم وضعوها في واجهات أماكن العمل والبيع لاستقبال العملاء وتقديم الخدمة لهم ولكي تواجه بسيل من المطالب غير المشروعة التي تبدأ بمعسول الكلام وتصل إلى التحرش الجنسي وتنتهي بالدعوة أو الإجبار على ممارسة الفاحشة. وأسوأ الوظائف التي وضعت فيها المرأة هي “الاستقبال والسكرتارية” حيث يطلب منها أداء العمل وتلبية رغبات العملاء والزملاء والمدراء ولذلك يحرص أصحاب الأعمال على وضع شروط خاصة لموظفة الإستقبال والسكرتيرة وأولها أن تكون (حسنة المظهر) في إشارة غير بريئة للدور المطلوب منها في العمل! وفي هاتين الوظيفتين “الاستقبال والسكرتارية” تتعرض المرأة لفتن ومواقف محرجة وتتعرض للكثير من المضايقات من العملاء والزملاء والمدراء ومآسي موظفات الاستقبال والسكرتيرات كثيرة لا حصر لها.
وفي حقيقة الأمر لا نعلم سبباً واحداً لإصرار الكثيرين على وضع المرأة في الإستقبال أو في وظيفة السكرتارية وأن تكون هذه الوظيفة حكراً عليها اللهم إلا المتاجرة بجسدها والتقليد الأعمى للغرب الذي أخذنا عنه أسوأ العادات والتقاليد وأخذنا عنه كل ما يخالف شريعتنا الغراء التي أمرت الرجال والنساء بغض البصر ودعت إلى التعفف والتحلي بالحياء وحذرت من اختلاط النساء بالرجال وحرمت الخلوة بالمرأة الأجنبية. والسكرتيرة في بعض الأحيان تكون الجاني عندما تنسج خيوطها وحبائلها لتصطاد زميلها أو مديرها في العمل وتخطفه من زوجته وأولاده. وفي كثير من الأحيان تكون الضحية عندما تُمارس عليها الضغوط وتخضع للإغراءات أو التهديدات من قبل الرؤساء وتلبي رغباتهم المحرمة.
والصحف والمجلات تطالعنا كل يوم بشكاوى الموظفات من استغلال المدراء لهن وتهديدهن بالفصل إذا لم يستجبن لطلباتهم المحرمة. والغالبية العظمى من النساء اللواتي يعملن في الأماكن المختلطة وحسب الدراسات واستطلاعات الرأي يعترفن بأنهن تعرضن للتحرش الجنسي بصورة أو بأخرى وهو ما يدعونا إلى الإلتزام بآداب الشريعة وتخصيص أقسام وإدارات خاصة تعمل فيها النساء وتقدم خدماتها للنساء فقط. وخروج المرأة من بيتها أو إخراجها للعمل ينطوي على سلبيات كثيرة تضر بالأسرة وبالإقتصاد الوطني فعمل المرأة في بعض المجالات وفي بعض الدول يتسبب في تقليل الطاقة الإنتاجية والكثير من الأسر لا تستفيد من عمل المرأة وفي المقابل تخسر أبناءها نتيجة الإهمال وسوء التربية.
وراتب المرأة ينفق على الكماليات فالمرأة العاملة تُهدر راتبها على الزينة وشراء الملابس ومستحضرات التجميل وتنفقها على وسائل الرفاهية المختلفة داخل البيت وخارجه ومظهر المرأة العاملة المبالغ فيه يدل على ذلك. والإسلام أباح للمرأة أن تعمل إذا دعت الحاجة إلى ذلك ولكن وفق الضوابط الشرعية فالمرأة قد تكون بحاجة إلى العمل لكي تعول نفسها وأولادها في بعض الحالات وعمل المرأة له ضوابط لا بد تراعى في جميع الأحوال ومن هذه الضوابط:
أولاً: توفر الأمان والخصوصية وعدم الاختلاط بالرجال وأن يكون المكان الذي تعمل فيه المرأة آمناً يحافظ على كرامتها ويصون عفافها.
ثانياً: أن يكون العمل مناسباً لطبيعة المرأة ومحافظاً على أنوثتها فلا تعمل كسائقة شاحنة أو موزعة بريد أو في محل حلاقة للرجال! ثالثاً أن يكون عمل المرأة في مجال تخدم فيه أمتها وبنات جنسها كالتعليم والطب والتمريض والدعوة وتقديم الخدمات للنساء.
رابعاً: الموازنة بين متطلبات العمل ومتطلبات الأولاد والزوج والبيت وفي حالة حدوث تعارض بين هذه المتطليات تقدم مصلحة الأولاد والأسرة على العمل.