مع اقتراب موعد الانتخابات التركية، واحتدام المنافسة بين المرشحين، ربما يكون عامل الحسم فيها محصورًا بين حاملة الطائرات المسيرة (أناضولو) التي دشنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا كمثال على إنجازاته، وبصلة المعارضة التي تهم المواطن العادي ويؤرقه ارتفاع سعرها، وتصريح كمال كليتشدار أوغلو من مطبخه بأن سعرها سيصل إلى 100 ليرة إذا استمر أردوغان في السلطة!
أردوغان وقائمة الإنجازات
يمتلك الرئيس التركي الحالي أردوغان وحزب العدالة والتنمية رصيدًا ضخمًا من الإنجازات التي تحققت في تركيا خلال العقدين الماضيين، ومن أحدث هذه الإنجازات دخول سفينة “تي سي جي أناضول” أول حاملة مسيرات حربية إلى الخدمة، وهي أكبر سفينة حربية تركية، وبداية تسليم السيارة تُوغ “TOGG” إلى المتعاقدين على شرائها، وهي أول سيارة تركية محلية الصنع، وإنتاج أول طائرة مقاتلة تركية، وافتتاح أكبر نفق في أوروبا بولاية طرابزون شمالي البلاد، والاكتشاف النفطي بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ألف برميل يوميًّا بولاية شرناق جنوب شرقي البلاد.
والسؤال المطروح هو: هل تمنح تلك الإنجازات الفوز لأردوغان بولاية رئاسية ثالثة، والأغلبية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان المقبل؟
المعارضة خالية الوفاض
المعارضة التركية تدخل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خالية الوفاض إلا من الوعود التي تقدمها للناخبين، وأكثرها بريقًا وإغراء ودغدغة للمشاعر هو التغيير، ولا سيما لدى فئة الشباب الذين سيصوتون لأول مرة، والذين ولدوا في ظل حكم العدالة والتنمية والرئيس أردوغان.
وفي مقابل إنجازات الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية خلال السنوات الماضية، فالمتوقع في حالة فوز مرشح المعارضة بالرئاسة هو أن تسير المعارضة التركية بالممحاة على هذه الإنجازات سعيًا منها لطمس معالمها ومحو صانعيها من ذاكرة الشعب، وإظهارًا لشعبيتها وقوتها على الساحة الداخلية، وأن تحدث تغييرًا كبيرًا في السياسة الخارجية لتركيا، وتسعى لتوطيد علاقاتها مع الغرب أملًا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
والملف الاقتصادي الذي تستخدمه المعارضة كفزاعة لتخويف الناخبين الأتراك، وتتهم الرئيس أردوغان وحزبه بالفشل في إدارته، لن تتمكن من تحقيق أي نجاح فيه نظرًا للظروف الإقليمية والدولية التي يمر بها العالم، وأثرت سلبًا على الاقتصاد في جميع دول العالم، بما في ذلك اقتصاد الدول المتقدمة.
من يحسم الانتخابات التركية؟
ورقة حسم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد لا تكون في أيدي مؤيدي حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة معه، أو في أيدي مؤيدي تحالف المعارضة، وإنما في أيدي المواطنين العاديين الذين تهمهم البصلة ويتأثرون بارتفاع سعرها، ولا يكترثون بحاملات الطائرات أو بأكبر مطار في العالم وهو مطار إسطنبول الجديد، وقد أظهر مواطن تركي غضبه واستياءه من إنشاء مطار إسطنبول قائلا:”لماذا يبنون المطارات ويقدمون الدعم للسوريين ولا يوفرون لنا فرص عمل”.
ولا يدري ذلك المسكين أن مطار إسطنبول أسهم بـنحو 24 مليار يورو في الدخل القومي، و51 مليار يورو في الإنتاج، و4.2 مليار يورو في الصادرات، و1.23 مليار يورو في الضرائب، ووفر فرص عمل لقرابة مليون شخص، وإنشاء المطار لم يكلف خزينة الدولة قرشًا واحدًا، فقد اعتمدت تركيا في بنائه على نظام BOT”“ ويعني:”البناء Build والتشغيل Operate ثم الإعادة “Transfer.
وتفكير الكثير من الشباب في تركيا لا يختلف كثيرًا عن تفكير المعارضة المحصور في سعر البصل، ولا تعنيهم الإنجازات الكبيرة في شيء، لأنها غير ملموسة بالنسبة لهم، وما يبحثون عنه هو مكاسبهم على المستوى الشخصي، ولذلك ينبغي أن تتم طمأنة هؤلاء الشباب على المكاسب الشخصية التي سيحصلون عليها حال استمرار أردوغان وتحالف العدالة والتنمية في السلطة، وقد وعدهم الرئيس أردوغان بتأسيس بنك خاص لدعم الأسرة والشباب من عائدات الغاز الطبيعي، وأن يكون في كل أسرة عامل أو موظف، وضمان عدم انخفاض مستوى دخل الأسرة عن رقم محدد، وتقديم منح للشباب الذين يرغبون في بدء أعمالهم التجارية الخاصة، وتقديم قروض بدون فوائد بقيمة 150 ألف ليرة تركية للشباب الراغبين بالزواج، وضمان حصول كل شاب يدخل الجامعة على هاتف وحاسوب.
أناضولو أردوغان وبصلة المعارضة!
العامل الاقتصادي عامل مؤثر في الانتخابات، وهو الذي منح حزب العدالة والتنمية الأغلبية في استحقاقات انتخابية سابقة، فقد بينت دراسة تركية أن الاقتصاد يحتل المرتبة الأولى بين أسباب التصويت في الانتخابات، وأن الأولوية تكون للمخاوف الاقتصادية ثم الأمنية.
والناخبون المترددون الذين لم يحسموا أمرهم في التصويت وتبلغ نسبتهم 10% من الناخبين، قد يعاقبون أردوغان على الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبها والتي أدت إلى ارتفاع معدل التضخم، وانخفاض سعر الليرة، وارتفاع أسعار البصل، والذي سترتفع أسعاره بلا شك في حال فوز المعارضة. ويبقى السؤال: هل تتفوق “أناضولو” حاملة طائرات أردوغان على بصلة المعارضة وتُسيل الدموع من أعينهم؟ أم ستنتصر بصلة المعارضة عليها، وتبكي الجميع على إنجازاته؟
المصدر: العربي الجديد