معركة طوفان الأقصى التي بدأت أحداثها في السابع من أكتوبر الماضي تعد حدثًا استثنائيًا من جميع الجوانب، وينبغي علينا كعرب ومسلمين أن نستغل ونستثمر نتائج هذه المعركة، وأن نبني عليها بما يخدم قضايانا العادلة، ودعوتنا الإسلامية التي جاءت بالمحبة والخير والسعادة للجميع.
تسويق القيم!
يبدو العنوان غريبًا، لأنه يجمع بين التسويق المرتبط بالسلع والخدمات المادية وبين القيم وهي أمور معنوية، وهو أمر كنت استغربه وأستهجنه في بداية الأمر، ولكن هناك حاجة ملحة باتت تدعو إليه، ويرى الدكتور زهير المزيدي أنه يتحتم علينا أن نعتمد نظامًا مغايرًا عن “غرس القيم” وهو “تسويق القيم”.
والمفارقة هي أن الغرب نجح في تسويق قيمه المادية والاستهلاكية، بينما فشلنا نحن في تسويق قيمنا الربانية، فالغرب نجح في تسويق قيمه من خلال الأغاني والأفلام والمسلسلات، ومن خلال الرسوم المتحركة التي تجذب الصغار والكبار، ومن خلال الملابس والشعارات التي تحملها، ومن خلال المنتجات وبخاصة الغذائية التي تروج على مستوى العالم، ومن خلال الألعاب الإلكترونية التي تكرس الهيمنة الغربية، وجميع ما سبق يحمل قيم الغرب ويسوقها وينشرها بأسلوب ناعم.
وأعداء الإسلام استغلوا الألعاب الإلكترونية في الإساءة للإسلام، فلعبة Call Of Duty تضع لفظ الجلالة في دورة مياه، ولعبة Resident Evil، تهين المصحف وتضعه على الأرض، ولعبة Devil May Cry استعملت باب الكعبة كمدخل إلى عالم الجن، واستغلوا الرسوم المتحركة في الإساءة للإسلام والرموز الإسلامية.
طوفان الأقصى والألعاب الإلكترونية
أحداث معركة طوفان الأقصى فاقت الخيال وتجاوزت جميع التصورات، وقادة وجنود الكيان الصهيوني يقولون إنهم يواجهون أشباحًا في ساحة المعركة، ولكنهم في حقيقة الأمر يقاتلون جندًا من جنود الله عز وجل، يقول تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ} سورة المدثر: 31.
ولذلك ينبغي أن تستغل معركة طوفان الأقصى والنجاحات التي حققتها في إنتاج ألعاب إلكترونية توثق الدور البطولي لأفراد المقاومة، وترسخ القيم التي حملتها في نفوس النشء، وتنقل لشعوب العالم قيمنا العربية الأصيلة كالشجاعة والنخوة، وقيمنا الإسلامية كالإحسان إلى الأسرى، وفي نفس الوقت تفضح الجرائم التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني بحق البشر والحجر وجميع مظاهر الحياة.
اسم اللعبة وأدواتها
اللعبة لن تحتاج إلى خيال، فما فعله رجال المقاومة البواسل في جيش الاحتلال ومدرعاته وآلياته يفوق الخيال، وما تحتاجه اللعبة هو كيفية تضمين ودمج القيم فيها، حتى تصل للاعبين وتستقر في وعيهم.
وأسماء اللعبة جاهزة، ويمكن تسميتها لعبة طوفان الأقصى، أو الياسين، أو أبو عبيدة، أو المسافة صفر، وأدوات اللعبة الإلكترونية تكاد تكون جاهزة وهذه الأدوات يمكن أن تكون الأسلحة التي استخدمتها المقاومة في حربها ضد جيش الاحتلال الصهيوني الغاشم، مثل قذائف الياسين 105، وقذائف “TBG“، وصواريخ الكورنيت، ومتبر1، وغيرها من الأسلحة التي استخدمتها المقاومة في صد العدوان الغاشم على القطاع.
ومنها المثلث الأحمر الشهير الذي ظهر في مقاطع الفيديو التي نشرها الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام، والأنفاق التي حفرتها المقاومة، والمباني السكنية التي دمرها الاحتلال، بالإضافة إلى دبابة الميركافا المتطورة التي حولتها قذائف المقاومة إلى قطعة من الخردة.
ومن العناصر التي يمكن توظيفها في اللعبة، عنصر المفاجأة والمباغتة، وتوصيل المتفجرات لآليات الكيان الصهيوني ومدرعاته فيما بات يعرف بالمسافة صفر.
وما تحتاجه اللعبة هو: مبرمج ألعاب ماهر، وخبير في تسويق القيم، ومصدر تمويل لإنتاج وتوزيع اللعبة على نطاق واسع.
اللعبة والقيم
يمكن من خلال اللعبة غرس وتسويق مجموعة من القيم ومنها ترسيخ مفهوم الجهاد بنوعيه جهاد الدفع وجهاد الطلب في نفوس النشء، وكذلك الدفاع عن الحرمات وعن المقدسات، ومنها التضحية والفداء، فأبطال المقاومة يواجهون قوات الاحتلال المدججة بأحدث وأفتك الأسلحة بأبسط الأسلحة وبدون ملابس واقية، أو خوذات تحمي الرأس، أو حتى حذاء عسكري!
ويمكن من خلال اللعبة توعية الجيل الحالي من الأطفال والشباب بالقضايا العربية والإسلامية، وتدريبهم على الإقدام والشجاعة منذ صغرهم، فالطفل الفلسطيني الذي كان يقف منذ سنوات أمام الدبابة الإسرائيلية ويرميها بحجر، أصبح اليوم مقاتلًا يدمر تلك الدبابة بقذيفة محلية الصنع!
فهل من مشمر لهذا الباب التي يُعد من أبواب فروض الكفاية في هذا العصر؟
ودمتـــم بخيــــــــــــــر. الدوحة في 22/11/2320م.
المصدر: مدونات الجزيرة.