ضمن موسم الندوات الذي نظمته وزارة الثقافة، أقيمت ندوة “ازدواجية حقوق الإنسان في الذهنية الغربية”، وذلك يوم السبت الموافق 9 مارس 2024، وحاضر فيها كل من الدكتور محمد سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والأكاديمي والدبلوماسي الفلسطيني حسام زملط.
سعادة الدكتور محمد سيف الكواري
بدأ الدكتور محمد سيف الكواري حديثه عن المركزية الغربية، وضرب مثالين على ازدواجية الغرب في مجال حقوق الإنسان وهما: الموقف من اللاجئين، فقد استقبل الغرب اللاجئين الأوكرانيين بحفاوة بالغة، أما المهاجرين من الدول الأخرى فيتركون للموت غرقا في عرض البحر، ويتم احتجازهم في معسكرات خاصة تفتقر للحد الأدنى من مقومات حقوق الإنسان.
والمثال الثاني هو عودة الدول الغربية لاستخدام الفحم وإعادة تشغيل المحطات النووية في تخل واضح عن الشعارات التي رفعها الغرب بشأن حماية البيئة.
وأوضح الدكتور الكواري، أن “ازدواجية المعايير الغربية في مجال حقوق الإنسان”، وبعبارة أخرى سياسة الكيل بمكيالين، تعني أن هناك مجموعة من المبادئ تتضمن قوانين وتشريعات وأحكاما تطبق على مجموعة معينة من الناس دون غيرهم وهذه الازدواجية تخالف منطق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع في عام 1948، ويقوم على المفهوم الواضح والنقي للعدالة في المعاملة وعدم التمييز والتفرقة بين الشعوب والأعراق والأجناس.
وأشار أن هذا المفهوم يتفق مع ما ذهب إليه القانوني في جامعة يل بنيويورك صموئيل موين في كتابه “حقوق الإنسان في عالم غير متكافئ”، وكتابه “اليوتوبيا الأخيرة: تاريخ حقوق الإنسان”.
وأوضح أن المركزية الغربية تلقفت فكرة حقوق الإنسان كبديل أخلاقي لإخفاق يوتوبيا الليبرالية الغربية، وأن حقوق الإنسان تمثل جدول عمل عالمي جذاب لتحقيق الحرية، واعتبر أن ما يعزز عبارة “المعايير المزدوجة” هو المركزية الغربية التي تنظر إلى القانون الدولي باعتباره ثمرة الحضارة الغربية الرأسمالية، وهذه المركزية الغربية ترى في القانون الدولي أحد أدوات هيمنتها على العالم، ولا تراه أداة لبلوغ العدل.
وفي ختام مداخلته، قدم سعادة الدكتور محمد سيف الكواري، جملة من التوصيات الكفيلة في حال تطبيقها بحل المعضلة المتعلقة بازدواجية المعايير، ومنها “ضرورة تحرير القانون الدولي من المركزية الغربية، والعمل من أجل تبني مقاربة إنسانية لا تقر ممارسات الهيمنة والسيطرة على الآخرين”.
وفي مداخلته تحدث السفير الفلسطيني حسام زملط عن انكشاف دولة الاحتلال، وأكد عدم وجود سردية إسرائيلية وإنما دعاية إسرائيلية تقوم على تزييف التاريخ، وذكر أن هناك ضرورة لمواجهة تلك الدعاية، وإبراز السردية الفلسطينية.
وحول دور اللجان الوطنية لحقوق الإنسان تجاه العدوان في غزة، ذكر الدكتور الكواري أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر رفعت تقريرًا لمجلس حقوق الإنسان حول سياسة التجويع والإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وحول ازدواجية حقوق الإنسان في الذهنية الغربية قال زملط الغرب يمد أوكرانيا بالسلاح والدعم المالي ويسمي ما يحدث هناك اجتياحًا واحتلالًا، بينما في فلسطين المحتلة لا يقدم أي دعم للفلسطينيين بل على العكس يدعم الاحتلال الذي يقتل ويشرد مئات الآلاف الأبرياء، وأضاف أن إسرائيل احتلت فلسطين بالإرهاب والتطهير العرقي، وأن الغرب يدعم المحتل بالأسلحة، ويهتم فقط بالرهائن الإسرائيليين، والمطلوب من الضيف في الإعلام الغربي هو أن يندد بما فعلته حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
وأكد زملط أن ما يحدث في غزة ليس حربًا، فالحرب تكون بين دولتين، أما ما يحدث فهو عدوان على الفلسطينيين، وذكر أن الغرب أعطى المحتل الحق في الدفاع عن النفس، بينما القانون الدولي يوجب عليه حقوقًا للشعب المحتل!
وأوضح زملط أن الغرب فقد مصداقيته، فالمحطات الإعلامية، والمذيعون في الغرب تبنوا الدعاية الإسرائيلية منذ بداية الحرب، والمطلوب هو الاستمرار في هدم جدران الكذب التي بناها الاحتلال والدعاية الغربية.
وذكر زملط أن الصحفي الفلسطيني هشم الرواية الإسرائيلية، واستشهد في سبيل ذلك أكثر من 100 صحفي فلسطيني، وأكد أن إسرائيل قامت على جرائم حرب، وجرائم الإبادة الجماعية، وأن إسرائيل تحولت مع الوقت إلى دولة مارقة.
وحول أهمية الحراك العالمي في دعم القضية الفلسطينية أفاد أن وسم “فلسطين حرة” تم تداوله أكثر من 37 مليار مرة على تيك توك خلال الشهر الأول من العدوان.
وقال إن هناك تضييقًا من منصات التواصل الاجتماعي على المحتوى الفلسطيني، وتساءل ماذا نفعل مع حجب تلك المنصات لبعض المفردات ونصف الشعب الفلسطيني اسمه جهاد!
وأكد زملط على أهمية مخاطبة الرأي العام العالمي، لأن الشعوب هي التي تناصر الشعوب وقال إننا لا نراهن على الحكومات، وضرب مثالًا على ذلك بجنوب أفريقيا التي حوصر فيها نظام الفصل العنصري وسقط بفعل الخارج، وقال إن بريطانيا تتحمل مسؤولية تاريخية وسياسية وأخلاقية عن احتلال فلسطين.
وحول دور منظمات حقوق الإنسان تجاه ما يحدث في غزة قال الدكتور الكواري إن تلك المنظمات ليست جهات تنفيذية، ودورها هو رفع تقاريرها لمجلس حقوق الإنسان، وأشار إلى وجود تكاتف عربي وإقليمي ودولي لأن هناك انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في فلسطين.
وأفاد زملط أن مجلس الأمن الدولي تحول إلى ناد غربي، وأكد أن إسرائيل ستحاكم أمام محكمة العدل الدولية، وأن المحكمة في نهاية الأمر ستدين إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية، وأضاف أن مشكلتنا ليست مع اليهود وإنما مع المحتل، وقال إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وليس السلطة لأنها لا تمثل جميع الفلسطينيين، وشدد على المطالب الفلسطينية العادلة وهي: الحق في تقرير المصير، وحق العودة، والمساواة، وحق الدفاع عن النفس.
وتحدث زملط عن الإسلاموفوبيا والعنصرية في الغرب، وعن زيادة حالات الاعتداء على المسلمين هناك، وذكر أن الاعتداءات على المسلمين في بريطانيا زادت بنسبة 365% في الفترة الأخيرة، وأن هناك معاداة للفلسطينيين في الغرب بشكل عام.