قصيدة الدهر والنهر
الشاعر الإسلامي محمد عزت الخالدي
وأنهارُ الحياة سقاءُ أسري … لها صبرٌ كما بالصبر تدري
وما الأنهار كانت لي سواءَ … ولكن الفلاحَ صَبورُ دهرِ
أنا شعب المناقب والمعالي … بها عشتُ الدهور تعدُّ عمري
وبي كان القديم كما تمنى … وإني في الجديد بنيتُ قصري
وقد كنت التواقَ إلى لقاءٍ … يُسرّي نفس مهمومٍ بخسرِ
وقد كنت الثبات إذا لقينا … نقِاعَ التُّرْب يعلو يوم نفْر
وإنَّ اليوم مثل الأمس عندي … وإنَّ الأمس من يومي بأمري
ويا بردى جريتَ مدىً بعيدا … بوادٍ شغله إصلاح وَعري
من العاصي نضحتُ الماء ثرا … بناعورٍ غدا إمدادُ إصري
فراتاً يا نماءً في بلادي … ويا نهراً بشرياني ونحري
ويا سناً أيا نهراً قصيرا … ويهدر بين أفيائي وبحري
ويرموكٌ وقد ولَدَ الجديدا … به أنشدتُ أمجادي وشعري
وتدمر ثم شمرا ثم بصرى … رصدت لها مقاماتي ونثري
ويا بلدات قومي قد بناها … كرام الناس أفعالاً كسحر
ويا أهلي وأبنائي وصحبي … جميع القطر إخواني وفخري
وأجدادي وجداتي كرامٌ … وقد وُلِدوا كما ولَدوا بطهرِ
إذا قمنا لمكرمة بلاءَ … رأيتَهمُ سمواً فوق صدري
وجاء اليوم شرُّ القوم جهلا … وعانى منه من يعنيه قُطْري
وعاث الشرُّ قهراً مستفيضا … وجار الغدر جوف الليل يسري ِ
وكلُّ الناس قد عانوا ظلاما … وصبرُهمُ بنورِ الفجرِ يغري
إذا بلغت همومَهمُ الرزايا … تراهم مثل أصحابٍ ببدر
وإن طالت مناذيرٌ صعابٌ … فإن الحُرَّ مَن يبدو كمهر
ويا أملاً نرى فيك الضياءَ … بما يجري بعمرٍ فيك يجري
وليل الشرِّ مهما طال فيهم … فلا بد النهاية قيد صبر
ومن بذل الحياة بدفعِ ظلمٍ … فقد وُهب الحياة لقاء نصرِ
ومن هاب القتال قتال كفرٍ … يؤوب معذباً دهراً بقهرِ
ومن لا يرجُوَنْ سهل المنايا … يعاني سكرة الأعراض تفري
ومن يرجو علاءً في فعالٍ … لأجل القوم يجري مثل نهرِ
ومن رام الثناء بدون جهدٍ … كمن رام الجمال بدون مَهْرِ
ومن كان الخوارُ له رداءً … تردى ثوب خذلانٍ وشهْرِ
ومن لا يجتني في الدهر دينا … أتى الإسرافَ مضروباً بكفرِ
ومن وفّى بلاءً في جهادٍ … تمنى حسنَه فوْزاً بنصر
أو استشهادَ نفسٍ في جلادٍ … وعهد الله مقرونٌ بوفْرِ
ألا قومي إذا ما الحرُّ أضحى … شهيداً كان نوراً مثل بدرِ
30/3/2014
محمد عزت الخالدي