الغرب وحكم الإسلاميين
استهداف الغرب وعملائهم لأنظمة الحكم ذات التوجه الإسلامي وتشويه صورتها في الداخل والخارج والسعي لإفشال تجاربها في الحكم الهدف منه إجهاض أي محاولة لتطبيق الشريعة ولو جزئيًا، وتوصيل رسالة للجماهير في العالم الإسلامي بصفة خاصة وفي العالم بصفة عامة مفادها أن الإسلاميين غير مؤهلين للحكم وأن الشريعة الإسلامية لا تصلح للتطبيق في العصر الحالي.
والسؤال المُلح الذي يحتاج إلى إجابة هو: هل فشل الإسلاميون أم تعرضت تجاربهم في الحكم للإفشال؟ الواقع يقول إن الإسلاميين لم يُمكنوا من الحكم، ولذلك لا يمكن أن يقول عاقل أنهم فشلوا في الحكم.
والمخططات الغربية لإسقاط نظم الحكم الإسلامية قديمة ونجحت في إسقاط دولة الخلافة الإسلامية في عام 1924، ونجحت في منع جبهة الإنقاذ من الوصول للحكم في الجزائر بعد فوزها الساحق في الانتخابات التي أجريت في عام 1992.
والولايات المتحدة وحلفاؤها أعلنوا الحرب على نظام حركة طالبان في أفغانستان تحت ذريعة محاربة الإرهاب وأسقطوا ذلك النظام في نهاية عام 2001.
والتدخل الغربي نجح في إسقاط حكم المحاكم الإسلامية في الصومال، ونظام البشير في السودان يتعرض لحصار اقتصادي منذ سنوات.
والمخططات الغربية نجحت في إسقاط الحكومة التي شكلتها حركة حماس بعد فوزها الكاسح في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 وحركة حماس لم تُمكن من الحكم وحيكت ضدها المؤامرات لإسقاط الحكومة التي شكلتها.
والإخوان المسلمون في مصر لم يُمكنوا من الحكم والعسكر المتحالفون مع الولايات المتحدة ومع الغرب والمدعومون خليجيًا نجحوا في إنهاء حكم الرئيس المنتخب مرسي بعد عام واحد بواسطة انقلاب عسكري في 3 يوليو 2013.
وحزب الحرية والعدالة في تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان يتعرض لانتقادات داخلية وخارجية، وهناك محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار في تركيا، والاتحاد الأوروبي رفض طلب انضمام تركيا للنادي المسيحي (الاتحاد الأوروبي).
الغرب ومحاربة الإسلاميين
الغرب استخدم عدة أدوات ووسائل في محاربة وإجهاض تجارب الحكم الإسلامية ومن هذه الوسائل:
أولًا: التدخل العسكري المباشر لإسقاط الأنظمة الإسلامية كما حدث مع حركة طالبان في أفغانستان.
ثانيًا: الحصار الاقتصادي للأنظمة ذات التوجه الإسلامي وهو ما حدث مع نظام البشير في السودان ومع حركة حماس في قطاع غزة.
ثالثًا: الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه لحلفائها من خصوم الإسلاميين، ومن الأمثلة على ذلك دعم منظمات المجتمع المدني المعروفة بعلمانيتها ومحاربتها للدين، ومساعدة العسكر في إجهاض وإسقاط حكم الإسلاميين وهو ما حدث مع جبهة الإنقاذ في الجزائر عام 1992، ومع جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 2013.
والغرب يُبارك الحرب التي يخوضها السيسي ضد تيار الإسلام السياسي في مصر ويبارك حرب اللواء المتقاعد حفتر ضد الثوار من الإسلاميين في ليبيا وذلك تحت شعار محاربة الإرهاب.
رابعًا: تقسيم المسلمين إلى معتدلين ومتشددين واستغلال ما تقوم به التنظيمات المتشددة من تجاوزات ومخالفات وجرائم في تشويه صورة الإسلام ومن الأمثلة على ذلك تنظيم جبهة النصرة في سوريا وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
خامسًا: استغلال الأخطاء التي وقعت فيها أنظمة الحكم ذات التوجه الإسلامي وتشويه صورتها في الداخل والخارج، وهذا الأمر حدث مع جميع الحركات الإسلامية التي وصلت للحكم وكان آخرها جماعة الإخوان المسلمون التي تعرضت لحملة غير مسبوقة من التشويه الذي وصل إلى حد وصم الجماعة بالإرهاب وشيطنتها وإخراجها من الإسلام.
مسؤولية الإسلاميين
ولا شك أن الإسلاميين يتحملون جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن الفشل في الحكم لأنهم سعوا للسلطة في توقيتات خاطئة وفي دول أفسدها المستبدون والطغاة بدون امتلاك للأدوات التي تمكنهم من مواجهة الدولة العميقة في الداخل ومواجهة مخططات الأعداء في الخارج.
والإسلاميون مطلوب منهم تصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالشريعة الإسلامية وبيان أن الاجتهادات البشرية في التطبيق لا تقدح ولا تقلل من قيمة ومكانة وعظمة المنهج الرباني وصلاحيته لكل زمان ومكان لأنه حجة على الجميع ولا يمكن لأحد أن يدعي الكمال في فهمه وتطبيقه التطبيق الصحيح، ومطالبون بالانفتاح على التيارات الوطنية الأخرى الموجودة على الساحة والتعاون معها من أجل تحقيق مصالح الوطن العليا والحفاظ على أمنه واستقراره.
والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية تدل على وجود حرب موجهة ضد الإسلام السياسي ومحاولة لتصفيته ومنعه من الوصول للحكم وإحداث أي تغيير في موازين القوى في المنطقة والتي تصب جميعها في صالح الغرب وصالح إسرائيل.
والحرب الشرسة التي يشنها الغربيون وعملاؤهم في الشرق على الإسلام والمسلمين حرب خاسرة لأن الإسلام سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يقول الله عز وجل:{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. سورة التوبة: 32-33.
والله عز وجل وعد المسلمين الصادقين بالنصر والتمكين يقول الله عز وجل:{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. سورة النور: 55.
محمد خاطر، الدوحة في: 2014/7/9