مآسي المسلمين في ميانمار
يتعرض المسلمون في ميانمار (بورما) لحرب إبادة والصور التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة تظهر الهمجية والوحشية التي يتعامل بها البوذيون مع المسلمين هناك وصمت حكومة ميانمار على المجازر التي ترتكب بحق مسلمي الروهينجا الذين يعانون من التمييز ولا يحصلون على حقوقهم كمواطنين أسوة ببقية الطوائف المكونة للمجتمع.
وحق المظلومين في النصرة والتأييد والمساعدة في رفع الظلم الواقع عليهم من الحقوق التي حرص عليها الإسلام والنصرة حق من حقوق الأخوة ولا معنى للأخوة إذا غابت النصرة فعن أَنس رضيَ الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«أَنُصر أخاك ظالماً أو مظلوماً . فقال رجل يارسول الله أَنصره إذا كان مظلوماً أَفرأيت إذا كان ظالماً كيف أَنصُرهُ؟ قال: تحجزهُ أَو تمنعهُ من الظلم، فإن ذلك نصرهُ». صحيح البخاري: 6801.
ومشاركة المسلم لإخوانه في السراء والضراء من دلائل المحبة والأخوة فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَىٰ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىٰ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىٰ». صحيح مسلم: 6538.
وإخواننا في ميانمار لهم أجرهم عند ربهم على ما يلاقونه من إيذاء شديد وقتل وتشريد وانتهاك للأعراض والله عز وجل سينتقم من الظالمين والطغاة في الدنيا والآخرة يقول الله عز وجل:{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}. سورة الفجر: 13-14.
ولكن تبقى مسؤوليتنا نحن تجاه إخواننا في ميانمار فسوف نسأل أمام الله عز وجل عما قدمناه لهم من دعم ونصرة وعن تقصيرنا في حقهم. فعن إسْمَاعِيلَ بنَ بَشِيرٍ قال: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله وَأَبَا طَلْحَةَ بنَ سَهْلٍ الأنْصَارِيَّ، يَقُولاَنِ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:« مَا مِنْ امْرِىءٍ يَخْذُلُ امْراً امْرأً مُسْلِماً في مَوَاقِعٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ الله في مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتُهُ، وَمَا مِن امْرِىءٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً في مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ الله في مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». سنن أبي داود: 4880.
وتقديم الدعم والنصرة لإخواننا في ميانمار حق لهم وواجب علينا شرعاً وليس تبرعاً أو منة. فعن عبدَ اللهِ بنَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«المسلمُ أخو المسلمِ لا يَظلمُه ولا يُسلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيهِ كان الله في حاجتهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسلمٍ كُربَةً فرَّجَ الله عنهُ كُربةً من كُرباتِ يومِ القيامةِ، ومَن سَتَرَ مُسلِماً سَترَهُ اللهُ يومَ القيامة». صحيح البخاري: 2399.
والوسائل التي ننصر بها إخواننا في ميانمار كثيرة ويأتي في مقدمتها أن نشعر بمعاناتهم وأن نحمل همهم فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم:«مَنْ لاَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصْبِـحْ وَيُمْسِ نَاصِحاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلإمَامِهِ، وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ». الترغيب والترهيب: 2733. رواه الطبراني من رواية عبد اللَّه بن جعفر.
ومن الواجب على كل مسلم أن يسعى لتفريج كربات إخواننا في ميانمار وأن يقدم لهم العون والمساعدة وأن يواسيهم بماله وبأي شيء يخفف معاناتهم ويقويهم في مواجهة عدو الله وعدوهم. يقول الله عز وجل:{ هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}. سورة محمد: 38.
والضعفاء من الأطفال والنساء وكبار السن بحاجة إلى من يرعاهم ويكفلهم ويوفر لهم حياة كريمة وذلك نوع من الجهاد في سبيل الله فعن صَفوانَ بن سُليمٍ يرفعُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«الساعي على الأرملةِ والمِسكين كالمجاهد في سبيلِ اللّه، أو كالذي يصوم النهارَ ويقومُ الليل». صحيح البخاري: 5869.
ومن هذه الوسائل أن نحث غيرنا على تقديم العون والمساعدة لإخواننا في ميانمار فمأساتهم خطيرة وما يتعرض له المسلمون هناك أمر جلل وخطب عظيم بحاجة إلى دعم ومساندة من الجميع كل على قدر استطاعته.
ومن الوسائل التي ننصر بها إخواننا في ميانمار أن نساعد على معالجة الجرحى والمصابين وإيواء المشردين واللاجئين وتقديم كل ما يحتاجونه من أدوية ومستلزمات طبية وخيام.
ومن الوسائل التي ننصر بها إخواننا في ميانمار مطالبة حكومات الدول الإسلامية بالتحرك دعماً لهم وعرض قضيتهم ومعاناتهم على الرأي العام العالمي وإصدار قرارات من الأمم المتحدة تحقن دماءهم وتحفظ حقوقهم. ومن وسائل نصرة إخواننا في ميانمار الدعاء لهم بأن يلهمهم الله عز وجل الصبر على مصائبهم وأن يثبت أقدامهم وأن يهلك عدوهم.
والدعاء من الأسلحة الماضية التي تفتك بالظالمين وتعجل بهلاكهم فعن ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما:«أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعثَ مُعاذاً إلى اليَمنِ فقال: اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ، فإنها ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حِجاب». صحيح البخاري: 2405.
ودعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة فعن أُمَّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها، َقَالَتْ: كان النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ، بِظَهْرِ الْغَيْبِ، مُسْتَجَابَةٌ. عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ. كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ. وَلَكَ بِمِثْلٍ». صحيح مسلم: 6879.
وفي أثر الدعاء يقول الإمام الشافعي:
أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ
وَمَا تَدْرِي بِما صَنَعَ الدُّعَاءُ
سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ
لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ
وحري بكل مسلم يرى دماء إخوانه تسيل وأعراضهم تنتهك في ميانمار أن يهب لنجدتهم بكل ما يستطيع وأن يتوجه إلى عز وجل بالدعاء أن يفرج كربهم وأن يعجل بنصرهم على الطغاة من البوذيين وغيرهم.