الوعي بحقوق الإنسان
حقوق الإنسان هي الحقوق التي ُوجدت وتقررت للإنسان لمجرد كونه انسانًا، وهي لازمة لوجوده والحفاظ على كيانه وحماية شخصه والقيم اللصيقة به وهي حقوق لا تثبت إلا للشخص الطبيعي، ومصدر هذه الحقوق هي تكريم الله عز وجل للإنسان يقول الله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} سورة الإسراء: 70.
وحقوق الإنسان هي مجموعة الضمانات التي توفر الحماية للأفراد والجماعات وتمنع حدوث أية انتهاكات لهذه الحقوق والهدف منها الحفاظ على الإنسان والكرامة الإنسانية وهذه الحقوق تمنح لكل إنسان دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو المعتقد.
وحقوق الإنسان وفق المواثيق والمعاهدات الدولية تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي:
أولاً: الجيل الأول من حقوق الإنسان ويشمل الحقوق المدنية والسياسية والتي تشمل: الحق في حماية الحرية الشخصية، والحق في الحياة وفي السلامة والأمن، والحق في ممارسة الحرية الدينية، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الاجتماع، وحرية التجمع، والحق في احترام الحياة الخاصة، والحق في الاعتراف لكل فرد بالشخصية القانونية، والحق في الحماية القضائية، والحق في التنقل وفي اختيار مكان الإقامة، وتحريم التعذيب أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، والحق في المشاركة وإدارة الشؤون العامة، والحق في الجنسية، والحق في تولي الوظائف العامة.
ثانياً: الجيل الثاني من حقوق الإنسان ويقصد به الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تشمل: الحق في العمل، والحق في التعليم، والحق في التملك، والحق في الحماية من الرق والعبودية، والحق في الاضراب، وتحريم السخرة أو العمل القسري، وتحريم التمييز لأي سبب من الأسباب، والحق في الضمان الاجتماعي، والحق في الرعاية الصحية، والحق في السكن.
ثالثاً: الجيل الثالث من أجيال حقوق الانسان ويشمل: الحقوق البيئية والتنموية فالتطور المذهل الذي حدث في كل المجالات، والحياة التي صارت أكثر تعقيداً من ذي قبل، والانفجار المعلوماتي أدى إلى نشأة حقوق جديدة للإنسان، ولكنها مرتبطة بحقوق الإنسان الأساسية، ومتفرعة عنها. فحق الإنسان في العيش في بيئة نظيفة مرتبط بحقه في الحياة، وحقه في تداول المعلومات مرتبط بحقه في العلم والمعرفة، وحقه في السلام والأمن مرتبط بحقوقه المدنية والسياسية.
ومن المؤسف أن منظومة حقوق الإنسان باتت تشهد تراجعًا على جميع المستويات وانتهاكات حقوق الإنسان أصبحت ممنهجة وأصبح الاعتداء عليها تحت مسميات كثيرة ومختلفة أمرًا هينًا لا يلتفت إليه في كثير من الأحيان وأول شيء يجب الاهتمام به في مجال حقوق الإنسان هو توعية الجماهير وتبصيرهم بحقوقهم وتشجيعهم على المطالبة بها فما ضاع حق وراءه مطالب والكثير من الحقوق تنتهك لأن أصحابها لا يطالبون بها إما جهلًا بها وإما خوفًا من بطش أصحاب السلطة والسطوة وأعوانهم.
والكثير من الحقوق لا تؤخذ إلا انتزاعًا من الجبابرة والمتكبرين في الأرض بل إن هناك حقوقًا لا يجوز التنازل عنها مطلقًا وأولها حق الإنسان الأصيل في اختيار دينه وعقيدته التي لا يحق لأحد أن يُكرهه عليها. يقول الله عز وجل:{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.} سورة البقرة: 256.
ومن حقوق الإنسان أن يعيش آمنًا وأن يعيش بكرامة وألا تنتهك حرماته وخصوصياته وكل ذلك من الأمور التي يجب أن يُدافع عنها الإنسان.
والمشكلة لم تعد في إصدار التشريعات والقوانين لحماية حقوق الإنسان من الانتهاك وإنما في الحماية الفعلية لهذه الحقوق وإيجاد الطرق والوسائل والضمانات الكفيلة بحفظها.
والمحافظة على حقوق الإنسان تتطلب أمورًا منها:
أولًا: التربية على حقوق الإنسان وزرع مفهوم وثقافة حقوق الإنسان وواجباته في نفوس النشء من خلال المناهج التعليمية ووسائل الإعلام المختلفة.
ثانيًا: تشجيع الشباب على المشاركة في الحياة العامة وأن يكونوا عنصراً فعالاً في المجتمع وأن يسعوا إلى التغيير بكل ما أوتوا من قوة حتى تستقيم حياة الناس على المنهج الذي ارتضاه الله عز وجل للعالمين.
ثالثًا: توعية الناس بحقوقهم وتشجيعهم على المطالبة بها، ومحاربة أي مظهر من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان والعمل على إزالته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لأن الحقوق تنتهك وتضيع نتيجة الجهل بهذه الحقوق أو عدم المطالبة بها والمثل يقول: ما ضاع حق وراءه مطالب.
رابعًا: وسائل الإعلام اليوم أقدر من غيرها على نشر ثقافة حقوق الإنسان وعلى كشف الانتهاكات والتجاوزات التي تحدث بحق المواطنين. ووسائل الإعلام شجعت الكثيرين على المطالبة بحقوقهم وأصبحت أداة ضغط ومراقبة وعيناً مفتوحة ترصد أي انتهاك لحقوق الإنسان.
خامسًا: تكاتف منظمات المجتمع المدني والرقابة المجتمعية على تطبيق القوانين والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان ورصد أية انتهاكات أو تجاوزات تمس حقوق الإنسان واللجوء للجهات المعنية بحقوق الإنسان لوقف هذه الانتهاكات وإعادة الحقوق لأصحابها.