مفاهيم ضرورية لمشروع النهضة
المفكر جاسم سلطان
عندما نقول إن طريق التراكم يظل مفتوحًا لو أغلق طريق الاحتشاد، وأن طريق التراكم في المنطقة العربية هو الطريق المتاح اليوم بالنسبة للقوى الفاعلة في المجتمع، لمختلف الأعمار السنية، ولمختلف أنواع الطاقات، فنحن ببساطة ندعو لتحرير ممكنات الفرد وإعادته لدائرة الفعل، ونعتقد أن طريق التراكم سيتقاطع معه يومًا ليس ببعيد طريق الاحتشاد. فكلما زادت الخيرية في المجتمع كلما كان نهر الحياة من الأفكار والعلاقات والمشاريع أشد فاعلية.
ولا يبعد كثيرًا أن يلتقط الخيط من بيده القرار ليحول أحلام أمته لوقائع . ولتفعيل طريق التراكم يلزم استحضار مفهوم المساهمة. والمساهمة تعتمد في ما يقع تحت دائرة فعل الإنسان الفرد أو المؤسسة وممكناتها. وحينها يسأل الإنسان عن الجدوى! ماذا يعني التقاط ورقة من الطريق في ضل وضع يسمح بإلقاء أكوام من القمامة كل يوم في الطرقات. هنا يسحق الفرد أمام المشهد الكبير الضاغط، ويدخل مرحلة اللامبالاة. فليفعل كما يفعل غيره وحشر مع الناس عيد كما هو المثل الدارج. لكن ماذا يضيف لنا الإسلام من معاني لعلاج هذه الحالة المستشرية؟! إنه يقدم لنا (فسيلة وتمرة وثوب) … لست أمزح!
فمهموم الفسيلة جوهري في الفعل النهضوي (لو كانت بيد أحدكم فسيلة وقامت القيامة فليغرسها) إنها تعرض علينا الحد الأقصى من اليأس في النتائج، وتدعو للفعل في الأوضاع التي ليس بعدها عمل. وضع تكون قد قرب أن تطوى فيه صفحات الإنسان ولكن فسيلته الأخيرة التي زرعها قد تكون مرجح نجاته يوم القيامة فتأمل..
ومفهوم التمرة مفهوم محوري في طريق النهضة (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تصدق بشق تمره) فالسيدة التي كانت تلقط الحصى من مسجد الرسول وهي تلقط الدر من تراب الجنة عمل صغير من المداومة عليه مع النية الصالحة يمكن أن يكون نصيبك من إطلاق مشروع الأمة الناهضة فتنبه.
ومفهوم الثوب (لقد كان حل الرسول لأهل مكة لرفع الحجر الأسود أن يمسك كل منهم بطرف من الثوب فيرفع الحجر ويوضع في مكانه ) هكذا يرتفع حجر النهضة ويعلو بناءها. فليرفع كل فرد من زاويته طرف من الثوب ليقدم كل شخص جهده وإن قل ولا يقف مكتوب الأيدي.
إن المهمة الكبيرة حين يريد الشخص أن يقوم بها كلها أو لا يقوم بشيء منها يقع في معادلة العجز. فالمهام الكبيرة كنهضة أمة وهي موضوعنا غير قابلة للتحقق بفعل شخص واحد ولو كان حاكمًا. فإن كان ما يقابل القيام بها كاملة هو عدم القيام بإي شيء فهو العجز بعينه. والفيل لا يمكن أكله قطعة واحدة.
المصدر: موقع النهضة.