منافع الحج الدينية والدنيوية
محمد خاطر
موسم الحج فيه الكثير من المنافع الدينية والدنيوية، يقول الله عز وجل:{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. سورة الحج: 27-28.
والمنافع كما يقول مجاهد هي:”التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة”، وتنكير كلمة (منافع) كما يقول ابن عاشور:” للتعظيم المراد منه الكثرة وهي المصالح الدينية والدنيوية، لأن في مجمع الحجّ فوائد جمّة للناس: لأفرادهم من الثواب والمغفرة لكل حاج، ولمجتمعهم لأن في الاجتماع صلاحًا في الدنيا بالتعارف والتعامل“.
ويقول سيد قطب رحمه الله:” والمنافع التي يشهدها الحجيج كثير. فالحج موسم ومؤتمر. الحج موسم تجارة وموسم عبادة. والحج مؤتمر اجتماع وتعارف، ومؤتمر تنسـيق وتعاون. وهو الفريضة التي تلتقي فيها الدنيا والآخرة كما تلتقي فيها ذكريات العقيدة البعيدة والقريبة”.
ويقول عن موسم الحج:” إنه موسم تجارة ومعرض نتاج، وسوق عالمية تقام في كل عام. وهو موسم عبادة تصفو فيه الأرواح، وهي تستشعر قربها من الله في بيته الحرام”.
ومن المنافع الدينية في موسم الحج مغفرة الذنوب ومحوها، وفتح المسلم لصفحة جديدة في علاقته مع الله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمعتُ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ:” مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه“. صحيح البخاري: 1521.
ومن منافع الحج الدينية تحصيل التقوى. يقول الله عز وجل:{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} سورة الحج: 37.
ومن منافع الحج الدينية التزود من الأعمال الصالحة كالصلاة في المسجد الحرام، والطواف حول الكعبة، والتعرض لنفحات الله عز وجل في عرفات، والهدي وهي أمور رتب الله عز وجل عليها أجورًا عظيمة. يقول الله عز وجل:{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} سورة البقرة: 197-202.
ومن منافع الحج الدنيوية التعارف والتآلف والتعاون بين المسلمين على البر والتقوى، يقول الله عز وجل:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} سورة المائدة: 2.
ومن هذه المنافع تعلم الصبر في التعامل مع الناس واحتساب الأجر عند الله عز وجل، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”المؤمِنُ الذي يُخالِطُ الناسِ و يَصبِرُ على أذاهُمْ، أفضلُ من المؤمِنِ الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ ولا يَصبرُ على أذاهُمْ”. صحيح الجامع: 6651.
وموسم الحج فيه منافع اقتصادية كثيرة تعود على بلد الحرمين الشريفين وتعود على الحجاج، فموسم الحج ينشط التجارة الداخلية في المملكة ويحقق فيه التجار وأصحاب العقارات والمركبات مكاسب كبيرة، ” وقد توقعت دراسة أعدتها غرفة التجارة في مكة العام الماضي، أن تحقق السعودية عائدات تصل إلى 8.5 مليار دولار من موسم الحج الذي استقبل حوالي مليوني شخص. وقالت الدراسة إن عائدات موسم الحج المقبل سترتفع بنسبة 3% مقارنة بالسنة الماضية. وبنت الدراسة توقعاتها على أساس أن يؤدي 1,98 مليون حاج هذه الفريضة بينهم 1,38 مليون وافد من الخارج و600 ألف من داخل المملكة. وبحسب الدراسة، فإن الحاج القادم من الخارج ينفق في المتوسط 17 ألفًا و381 ريالًا (4633 دولارًا) فيما ينفق الحاج المقيم 4948 ريالًا (1319 دولارًا)”.
ومصاريف الحجاج أثناء موسم الحج تشمل: الأكل والشرب والسكن والتنقل والاتصالات والهدايا، وبنظرة سريعة وفاحصة على البضائع والخدمات التي تقدم في موسم الحج نجد أن الدول غير الإسلامية وفي مقدمتها الصين هي المستفيد الأكبر من موسم الحج، وذلك من خلال تنفيذ مشروعات البنية التحتية، والمرافق ووسائل المواصلات، ومن خلال إنتاج وتسويق المنتجات المتعلقة بالعبادات والشعائر الإسلامية!
والمنافع الاقتصادية التي يُمكن للعرب والمسلمين أن يحصلوا عليها من موسم الحج كثيرة، وهذا الموسم الاقتصادي الذي يقدر حجمه بالمليارات يمكن أن يُسهم في زيادة حجم التجارة البينية العربية، ويُسهم في تشجيع المنتجات العربية والإسلامية.
والاستفادة من موسم الحج تتم من خلال إنشاء صناعات عربية وإسلامية تتعلق بالمنتجات التي يحتاجها الحجاج لأداء المناسك ويقبلون على اقتنائها وشرائها كالهدايا وغيرها، والمطلوب هو ابتكار منتجات جديدة وإنتاج سلع قادرة على منافسة المنتجات الأخرى وبخاصة المنتجات الصينية.